كتب: كريم همام
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع عقد شراكة استثمارية بين مصر وقطر لتطوير منطقة سملا وعلم الروم بمحافظة مطروح، وذلك خلال حفل أقيم في مقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة. جاءت هذه الخطوة في إطار جهود الدولة لتنمية المناطق الحدودية وتوطين المدن الجديدة، وتأكيداً على أن مسار الاستثمار يتوازن بين الجوانب العامة والخاصة. كما أشار الحدث إلى أهمية إنفاق الدولة على البنية التحتية كعامل حاسم في تمهيد الطريق أمام استقطاب الاستثمارات في عدة قطاعات. وتكررت خلال حديث رئيس الوزراء عبارة مهمة تعكس فهم الحكومة للدور الاقتصادي للمشروعات الكبرى: البنية التحتية جاذبة للاستثمار.
توقيع الشراكة وتفاصيل التطوير في مطروح
جرى توقيع عقد شراكة استثمارية بين جمهورية مصر العربية وقطر لتطوير منطقتي سملا وعلم الروم في محافظة مطروح. وتأتي هذه الشراكة ضمن مسار اقتصادي يأمل من خلاله الطرفان تعزيز التنمية في منطقة مطروح وتوفير فرص استثمارية جديدة تعزز من حركة الاستثمارات وتُسهم في تأسيس بنية تحتية ومرافق تستوعب نمو المشروع على المدى المتوسط والبعيد. وتأتي منطقة سملا وعلم الروم ضمن رؤية أوسع لإعادة تشكيل البنية الاقتصادية للمنطقة الساحلية الغربية وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين من مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة والخدمات اللوجستية والصناعات الخفيفة. ويهدف الاتفاق إلى إقامة بنية تحتية ومرافق تساير احتياجات الاستثمار، مع ضمان وجود آليات تنظيمية تضمن جدوى اقتصادية مستدامة للمشروع ومتابعة التنفيذ وفق برنامج زمني يتيح تحقيق عوائد مجدية للطرفين.
رد الحكومة على الاتهامات السابقة بشأن الاستثمارات
في معرض حديثه، رد الدكتور مدبولي على الانتقادات التي كانت تُطرح حول قيام الدولة باستثمارات كبيرة بدون عوائد تُذكر، معتبراً أن مثل هذه الاتهامات لا تراعي السياق الاقتصادي الذي عاشته البلاد قبل سنوات. وفي تصريحات نقلها الحضور، قال: “الحقيقة أنا ضحكت، لأننا من خمس سنوات والدولة تتهم أنها أنفقت إستثمارات بدون عائد لتنمية العلمين والعاصمة الجديدة”. وتابع أن الدولة حينها طالبت بمشروعات بنية تحتية وتنموية كبيرة بسبب الحاجة الملحة لتطوير مدن جديدة وتحديث البنية التحتية الأساسية، وهو ما أدى إلى استقطاب استثمارات لاحقة من القطاع الخاص عندما توافرت الحوافز والبيئة الجاذبة. وتضيف هذه الرواية أن التداخل بين الإنفاق العام والبنية التحتية أثمر في نهاية المطاف عن فرص استثمارية أوسع في مجالات متعددة، وهو ما يستدل به من إشاراته إلى مشروع علم الروم كدليل على نجاح المسار الذي اعتمدته الحكومة.
أثر الإنفاق على البنية التحتية في اجتذاب الاستثمارات
أكد رئيس الوزراء أن الإنفاق الذي استُثمر في البنية التحتية لعب دوراً محورياً في تحفيز الاستثمارات العابرة للقطاعات، وليس مضاداً لجهود الخصخصة أو الشراكات مع القطاع الخاص، بل رأسَ ربحاً مشتركاً يتيح توسيع نطاق المشاريع وفتح أسواق جديدة. وقد أشار إلى أن الطريق الذي سلكته الدولة لم يكن بسيطاً، بل اتسم بكونه استثنائياً في فترته، حيث ارتأت الحكومة أن النتائج الإيجابية في جلب الاستثمارات لن تظهر إلا من خلال بنية تحتية حديثة ومتكاملة. وبناءً عليه، فالتصريح يضع ركيزة مفادها أن البنية التحتية في حد ذاتها ليست مجرد مكوّنات حجرية بل هي محرك أساسي لخلق مناخ جاذب أمام المستثمرين، وهو ما يتجسد في تجارب سابقة ومشروعات قيد التنفيذ حالياً، مثل العلمين والعاصمة الجديدة التي وُجهت إليها أنظار رجال المال ورجال الأعمال.
التوجه نحو مدن جديدة وتطوير المناطق الساحلية
تؤكد تصريحات مدبولي أن هناك توجهاً واضحاً نحو تعزيز التنمية في المناطق التي تشهد تغيّرات ديموغرافية واقتصادية، خاصة في المناطق الحدودية والساحلية، بما في ذلك مطروح. ويُفهم من التفاصيل أن الشراكة مع الجانب القطري تشكل جزءاً من استراتيجية أشمل لاستثمار الموارد وتوجيهها نحو مشاريع تخلق قيمة مضافة وتوفر وظائف وتدعم النمو المستدام. كما أن اختيار سملا وعلم الروم كمنطقتين محوريتين يعكس اعتبارات متعلقة بالتنمية الاقتصادية وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية، وهو ما من شأنه أن يفتح آفاق جديدة للاستثمار المحلي والدولي، ويعزز التماسك الاقتصادي بين المحافظات والمدن الكبرى. وتبرز أهمية هذه الخطوة كإطار عمل يربط بين الاستثمار العام والخصوصي، وهو ما يعزز ثقة المجتمعين المحلي والدولي في قدرة الدولة على إدارة عمليات التنمية بشكل منضبط وشفاف.
المسار المستقبلي للشراكات والاستثمارات في مصر
تشير الوقائع إلى أن هذه الشراكة ليست حدثاً محدوداً بل جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتدعيم مسار النمو الاقتصادي المستدام. وفي هذا السياق، يظل دور الحكومة محورياً في تأسيس بيئة جاذبة للمستثمرين من خلال البناء على ما أحرزته من نجاحات سابقة في تنفيذ مشروعات بنيوية كبرى، وبناء حوافز تشجع القطاع الخاص على المشاركة والاستثمار. وتُفترض أن يؤدي توقيع العقد مع قطر إلى تحفيز مزيد من التفاهمات والتعاون الدولي في مجالات التنمية، مع ضمان أن تظلايير الشفافية والحوكمة مطلباً أساسياً في كل خطوة من خطوات التنفيذ. كما أن رؤية الدولة في ربط المشاريع الكبرى بخطط التنمية الشاملة ستظل الدافع الأساسي وراء إبرام مثل هذه الاتفاقات، بهدف توفير قاعدة صلبة لعملية التطوير الشاملة للمناطق المستهدفة ضمن إطار زمني محكم.
إطار العمل والتنفيذ ومراعاة الشمولية الاقتصادية
إن ما ظهر من خلال الحدث يعكس رغبة الدولة في وضع إطار عمل واضح يوازن بين الاستثمار العام والخصوصي، مع الالتزام بمبدأ الشمولية الاقتصادية وتوفير الفرص للمواطنين في مختلف القطاعات. وتُظهر هذه التجربة أن النقل من مرحلة الحديث عن النوايا إلى مرحلة التنفيذ يتطلب بنية تحتية داعمة وإطاراً تنظيمياً يتيح للمستثمرين الاطمئنان إلى العوائد والمخاطر المحتملة. كما أن إعلان الشراكة مع دولة قطر يُشير إلى وجود دعم خارجي يضاف إلى الموارد المحلية، وهو ما قد يساعد في تعزيز الثقة الاستثمارية وتسهيل دخول استثمارات جديدة يمكن أن تتحول إلى محركات نمو حقيقية في المحافظات المطروح فيها الاستثمار. والواقع أن ربط هذه الشراكات بمشروعات المدن الجديدة وبنية تحتية حديثة يرفع من احتمال تحقيق عوائد اقتصادية تعود بالنفع على المجتمع وتدعم قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود أمام التحديات العالمية.
إن هذه الوقائع تؤكد أن البنية التحتية لم تعد مجرد بنى تحتية فحسب، بل هي أداة حيوية في تعزيز الازدهار الاقتصادي وتحفيز رأس المال الأجنبي والمحلي على الدخول في شراكات استراتيجية. كما أنها تعكس فهم الحكومة العميق بأن الاستثمار في المجال العام ليس عبئاً بل رافعة تدفع النمو وتخلق بيئة ملائمة للمبادرات الخاصة. وفي ظل هذه الدينامية، يبقى السؤال حول سرعة التنفيذ وجودة الإدارة وتكامل الأدوار بين الجهات المعنية محورياً لضمان أن يتحول هذا الإطار العلني إلى واقع ملموس يعزز مكانة مصر اقتصادياً على المدى القريب والمتوسط.
ختاماً، يظل الحدث دليلاً على أن الإصرار على البناء والتطوير في زمن التحديات هو العامل الأساسي في فتح أبواب الاستثمار وتوسيع آفاق التنمية. فالمتابعون يراقبون كيف ستنعكس هذه الشراكة على منطقة مطروح وعلى بقية المحافظات من خلال مشروعات بنية تحتية متطورة وخدمات محسَّنة وفرص عمل جديدة، بما يعزز مكانة مصر كمناخ استثماري جاذب يتكامل مع استراتيجيات التنمية الوطنية.
تجدر الإشارة إلى أن الاعتماد على مثال علم الروم والربط بين الإنفاق على البنية التحتية وتحفيز القطاع الخاص يكتسب دلالات إضافية في إطار التطورات الاقتصادية الراهنة وتزايد الرغبة في استغلال المكاسب الناتجة عن استثمار الدول في البنية التحتية كركيزة للنمو.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































