كتبت: فاطمة يونس
شهدت جلسة المحكمة العليا الأمريكية، الأربعاء، نقاشاً قانونياً حاداً حول شرعية رسوم ترامب الجمركية التي فرضت على عدد واسع من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، في إطار ما وُصف بأنه إجراء متبادل يهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي وتحقيق ما اعتبره العدالة التجارية. ساد الانطباع أن الطرفين، التنفيذي والتشريعي، يختلفان حول الأساس القانوني لهذا الإجراء وما إذا كان يجوز توسيع صلاحيات الدولة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
المداولات في المجلس الأعلى للسلطة القضائية كشفت عن نقاش عميق حول الأساس الذي استند إليه ترامب في فرض تلك الرسوم، وخصوصاً من خلال تفعـيل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية. وهو تشريع يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، يمنح الرئيس صلاحيات محدودة في حالات الطوارئ الاقتصادية الخارجية. وفي الوقت نفسه، يظل جزء من النقاش مشابهاً لمنهجية تنظيم التجارة الخارجية وليس لفرض الضرائب مباشرة، وهو نقاش يثير تساؤلات حول حدود تفسير هذا القانون وتطبيقه على مستوى التجارة العالمية. هذا الجدل يعكس صراعاً تاريخياً بين سلطة الرئيس والكونغرس في مسائل تؤثر في اقتصاد البلاد وتوازن النظام الديمقراطي.
أشار القاضي المحافظ جون روبرتس، رئيس المحكمة العليا، إلى أن نص القانون الذي استند إليه ترامب لا يتضمن بشكل صريح إشارات إلى التعريفات الجمركية، وهو ما يفتح باباً أمام تساؤل عما إذا كان يمكن توسيع نطاق هذا القانون ليشمل فرض رسوم تمس التجارة الدولية بشكل مباشر. وتجاوز رئيس المحكمة بنظرته إلى التعريفات الجمركية الإطار الحرفي للنص، وهو ما يثير مخاوف من قراءة موسعة لصلاحيات الطوارئ الاقتصادية. وفي اللحظة ذاتها، تبنى القضاة الليبراليون الثلاثة هذا الطرح، مع الإشارة إلى أن سلطة فرض الرسوم ذات الطابع الضريبي ينبغي أن تكون في يد الكونغرس وليس في يد الرئيس.
في أثناء المداولات، قالت القاضية صونيا سوتومايور بشكل حاد: “تحاولون التفرقة بين الرسوم الجمركية والضرائب، لكن الواقع أن الرسوم ليست سوى شكل من أشكال الضرائب التجارية، والكونجرس وحده يملك سلطة فرضها”. جاء هذا التصريح كتشخيص حاد لمخاطر النظرة التي تسعى إلى تقسيم أدوات الدولة بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية. من جانبه، دافع المحامي العام جون ساور عن مشروعية تلك الإجراءات، معتبراً أن الرئيس تصرف ضمن صلاحياته الدستورية في تنظيم التجارة الخارجية وليس في فرض الضرائب، وأن الهدف من استخدام صلاحيات الطوارئ يركز على مواجهة تهديدات اقتصادية ذات طابع دولي، سواء كانت مرتبطة بمنافسة تجارية غير عادلة أو بقضايا مثل تدفق المخدرات عبر الحدود من دول مثل المكسيك وكندا والصين.
يرى مراقبون أن هذه القضية تمثل اختباراً حقيقياً لتوازن السلطات بين البيت الأبيض والكونجرس، خاصةً بعدما توسعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في استخدام القوانين الطارئة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية. كما يعتبرها خبراء الاقتصاد لحظة حاسمة في تحديد حدود تدخل الرئيس في السياسات التجارية دون الرجوع إلى السلطة التشريعية، وهو ما يجعل القرار المحتمل للمحكمة العليا ذا أولوية وطنية واقليمية في آن واحد. وتؤكد مصادر متابعة أن النتيجة المحتملة قد ترسم ملامح جديدة للعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة، وتعيد تشكيل الإطار القانوني الذي يضبط استخدام الرئيس للأدوات الاقتصادية الطارئة في المستقبل.
خلفية حول شرعية رسوم ترامب الجمركية وإطار قانون صلاحيات اقتصادية طارئة
يرتبط الإطار القانوني بقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، وهو تشريع يعود إلى سبعينيات القرن الماضي ويمنح الرئيس صلاحيات استثنائية في مواجهة أزمات خارجية تؤثر في التجارة. غير أن الاستخدام الموسع لهذا الإطار يثير جدلاً قانونياً حول مدى صلاحية توجيه رسوْم جمركي يتصل بالتجارة العالمية، وليس فقط بتنظيم التجارة الخارجية كما يراها أنصار التحليل الأصلي للنص. هذه الخلفية تضع النقاش في سياق كيفية تفسير السلطات التنفيذية في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وتثير قدراً من الحذر حول إمكانية إسقاط أي قرارات على نطاق أوسع من العلاقات التجارية الدولية.
التحديات القانونية وتوازن السلطات حول شرعية رسوم ترامب الجمركية
تطرح هذه القضية سؤالاً حاسماً: من يملك سلطة فرض الرسوم والتأثيرات الاقتصادية المرتبطة بها؟ هل يجوز للبيت الأبيض الاستناد إلى صلاحيات الطوارئ الاقتصادية في توسيع نطاق ما يمكن أن يُفرض من تعريفات جمركية، أم أن الكونجرس وحده هو صاحب هذا الحق؟ الإجابة على هذا التساؤل ستحدد خطوط العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في قضايا التجارة الدولية، وتبين كيف يمكن للمؤسسات الدستورية الأميركية أن توازن بين حماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على صلاحيات السلطة التشريعية.
آفاق القرار وتأثيراته الاقتصادية المحتملة
المحكمة العليا ستراجع هذه المسألة في ضوء الإطار الدستوري وأسس القانون الدولي، مع مراعاة أن المواقف القضائية قد تعيد تشكيل علاقة الولايات المتحدة بالتجارة العالمية وتؤثر في مسارات السياسة الاقتصادية. النتيجة المحتملة قد ترسم خطوطاً جديدة لعلاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتعيد تعريف الإطار القانوني لاستخدام الأدوات الاقتصادية الطارئة في المستقبل، وهو أمر يهم أوساط الأعمال والمستثمرين والدول الشريكة في التجارة الأميركية.
المتغيرات في هذا الملف تظل متعلقة بالتوازن الدستوري بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبمدى وضوح التفسير القانوني لمفهوم الحالات الطارئة الاقتصادية وتأثيرها في التجارة الدولية. وفي انتظار القرار النهائي، تبقى هذه المحاكمة بمثابة اختبار عملي لكيفية تعامل المحاكم العليا مع النزاعات بين صلاحيات الرئاسة والكونجرس في ساحة الاقتصاد العالمي، وهو نقاش سياسي وقانوني معاً يمتد أثره إلى سياسات الولايات المتحدة داخلياً وخارجياً.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































