كتب: صهيب شمس
قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية، خلال اجتماعها الدوري الأخير، تثبيت أسعار البنزين والسولار لشهر نوفمبر 2025 عند معدلاتها الحالية، معتمدة على عوامل محلية وعالمية تعكس استقرار الوضع الاقتصادي. جاء القرار في سياق الحفاظ على استقرار الأسواق المحلية وتجنب تحميل المواطنين أعباء إضافية في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية. كما أكدت الوزارة أن الأسعار المعتمدة ستظل سارية حتى نهاية ديسمبر 2025، أو حتى صدور قرار جديد من اللجنة في اجتماعها المقبل، وفق ما أُعلن رسميًا. وتحتفل الأسواق بهذا القرار كخطوة تهدف إلى ربط الأسعار المحلية بمستوى الاستقرار العالمي دون الاعتماد على دعم إضافي من الدولة.
قرار التثبيت وأسبابه
أوضح مصدر مسؤول أن القرار جاء بعد دراسة شاملة للمتغيرات العالمية في أسعار النفط ومعدلات التضخم وأسعار الصرف. كما أشار إلى أن سعر خام برنت سجل وسطًا بلغ نحو 85 دولارًا للبرميل خلال شهر أكتوبر الماضي، وهو مستوى يعكس استقرارًا نسبيًا مقارنة بالشهور السابقة ويتيح مساحة للمراجعة الدقيقة والتوازن بين المصلحة العامة والتكاليف الاقتصادية. وفي إطار هذه الرؤية، أكدت اللجنة حرصها على تحقيق توازن بين مصلحة المواطنين والموازنة العامة للدولة، خاصة مع ارتفاع تكلفة الشحن والنقل العالمية التي تؤثر في كلفة الوقود ونفقات النقل والإنتاج. وتُشير الآلية المعتمدة إلى أن أي تعديل في الأسعار — ارتفاعًا أو انخفاضًا — لا يتجاوز في كل مرة نسبة 10%، بهدف الحفاظ على استقرار السوق المحلي وعدم حدوث تقلبات حادة تؤثر في متغيرات الأسعار في المحلات ومناطق الاستهلاك.
آلية التثبيت ومتابعة الأسعار
تعمل اللجنة الحكومية وفق آلية ربع سنوية تقيس متوسط سعر خام برنت العالمي إلى جانب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الفترة السابقة. وتؤكد الآلية أن الربط بين الأسعار المحلية والأسواق العالمية يجري بصورة تدريجية ومدروسة، بما يمنع حدوث مفاجآت تؤثر في قدرة المواطنين على تحمل تكلفة الوقود. وبناءً على هذه الآلية، يتم تثبيت الأسعار أو تعديلها وفقًا لمعادلة دقيقة تجمع بين السعر العالمي والتكاليف المحلية وتقلبات العملة، مع الحفاظ على قدرة الموازنة العامة في مواجهة التكاليف التشغيلية المرتبطة بالنقل والشحن. وتؤكد الوزارة أن هذه المعادلة صممت لتعزيز العدالة في التسعير وربط الأسعار محليًا بالأسواق العالمية دون تحميل الدولة أعباء كبيرة أو رفع الأسعار بشكل مفاجئ يضر بالسياسة الاقتصادية المتوازنة.
التأثير على المستهلك والاقتصاد
رحب عدد من خبراء الاقتصاد بقرار التثبيت، معتبرين أنه خطوة مهمة باتجاه استقرار أسعار السلع والخدمات خلال الفترة المقبلة. يؤكد هؤلاء أن الوقود يشكل عنصرًا أساسيًا في تكاليف النقل والإنتاج، وأن تثبيت الأسعار يخفف من الضغوط المعيشية على المواطنين في ظل ارتفاع تكاليف الشحن والنقل العالمية التي تؤثر مباشرة في أسعار السلع والمنتجات. كما أشار المحللون إلى أن أي زيادة في أسعار البنزين أو السولار كانت ستنعكس مباشرة على تكلفة المعيشة اليومية، بما يجعل قرار التثبيت في هذا التوقيت خطوة استراتيجية تستهدف دعم استقرار الأسواق وتخفيف حدة التقلبات آنذاك. وتؤكد هذه القراءات أن التثبيت يهدف إلى توفير استقرار نسبي في الأسعار حتى يمكن للمستهلكين التخطيط بشكل أفضل لمصروفاتهم اليومية.
التوسع في المحطات والوقود البديل
في إطار استراتيجية الدولة للتحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، أكدت وزارة البترول استمرار خطتها للتوسع في محطات الغاز الطبيعي والوقود البديل. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي في مصر تجاوز 1000 محطة حتى نهاية أكتوبر 2025، مع خطة لزيادة العدد بنسبة 20% خلال عام 2026. وتُبرز هذه البيانات الأبعاد المستقبلية للمشهد الطاقوي في البلاد، وتؤكد أن الحكومة تواصل مساعيها لرفع مستوى التوافر والاستدامة في خيارات الوقود، بما في ذلك الغاز الطبيعي كخيار أقل انبعاثاً وأكثر ملاءمة للصناعات وعمليات النقل. ويتوقع الاقتصاديون أن هذه الاستثمارات في البنية التحتية للوقود البديل ستدعم الاستقرار في الأسعار على المدى الطويل وتقلل الاعتماد على الوقود التقليدي، خصوصاً في ظل ضغوط الأسعار العالمية والتقلبات النقدية.
توقعات المستقبل القريب للأسعار
يتوقع محللون أن تظل أسعار البنزين والسولار مستقرة حتى الربع الأول من عام 2026، بشرط استمرار استقرار أسعار النفط عالميًا واستقرار قيمة الجنيه أمام الدولار. ومع ذلك، يحذر هؤلاء من أن أي ارتفاع مفاجئ في أسعار خام برنت أو انخفاض كبير في قيمة العملة قد يدفع اللجنة إلى مراجعة الأسعار في اجتماعها المقبل المقرر عقده في فبراير 2026. وفي ضوء هذه التوقعات، تظل الصورة الاقتصادية مرهونة بتطورات الأسواق العالمية وتغييرات سعر الصرف والتكاليف التشغيلية المرتبطة بالنقل والشحن. وبالنسبة للمستهلكين، فإن استمرار التثبيت يمنحهم قدرًا من الاطمئنان في قدرتهم على التنبؤ بتكاليف الوقود خلال الشهور القادمة، وهو ما يسهم في ضبط ميزانياتهم وتحريك عجلة الاستهلاك بشكل أكثر استقرارًا. وفي نهاية المطاف، تبقى الآمال معقودة على قدرة الآليات التسعيرية الحكومية في الحفاظ على توازن الأسعار المحلية مع التقلبات العالمية، بما يحد من الآثار السلبية على المواطنات والمواطنين ويعزز من قدرة الاقتصاد للمواجهة في أوقات التحدي العالمية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































