كتبت: فاطمة يونس
شهدت صفقة الاستحواذ الضخمة بين جوجل، التابعة لشركة ألفابت، وشركة Wiz للأمن السيبراني تطوراً حاسماً أثار اهتمام الأسواق والجهات التنظيمية معاً. فبقدر ما تعزز الشراكة قيمة الصفقة التي تبلغ قيمتها 32 مليار دولار، تزايدت حالة التفاؤل بإمكان إتمامها خلال الفترة المقبلة، خاصة مع إعلان الحكومة الأمريكية عن انتهاء مرحلتها الأساسية من المراجعة. وتُعد هذه الخطوة جزءاً من تجاوز العقبة الكبرى في صفقتها مع Wiz، وهو التعبير الذي يعكس تغيراً في مسار المفاوضات وتخفيفاً للمخاطر التنظيمية المحيطة بها. في مارس الماضي، أعلنت الشركتان عن شراكتهما الاستراتيجية، لتدخل هذه الصفقة لاحقاً في إطار تحقيقات موسّعة من قبل السلطات الأمريكية المختصة بمكافحة الاحتكار.
ومن ثم، وفي تطورات سريعة، كشفت تقارير إعلامية عن فتح وزارة العدل الأمريكية تحقيقاً معمقاً في أثر الصفقة على المنافسة وأسواق التقنية، وهو مسار كان من المتوقع أن يعرقل سلاسة الإغلاق النهائي للصفقة. أما وكالة FTC، فقد أصدرت إشعاراً في 24 أكتوبر بإغلاق التحقيق، وهو ما يعني أن المراجعة التنظيمية في إطار هذه القضية لا تشكل عائقاً قانونياً أمام إتمام الاندماج بين الشركتين. وتأكيداً لما أُعلن، صرّح أساف رابيابورت، الرئيس التنفيذي لشركة Wiz، في فعالية نظمتها صحيفة وول ستريت جورنال أن وزارة العدل الأمريكية اختتمت مراجعتها للصفقة، إلا أن الصفقة ما زالت قيد المراجعة من قبل هيئات تنظيمية أخرى مختصة بمكافحة الاحتكار. وقد بات واضحاً أن المسألة التنظيمية لا تزال تفرض بعض المعاينات، لكنها لا تشكل عائقاً في الطريق نحو إتمام الصفقة في سياق المراجعات المستمرة.
لم ترد جوجل على الفور على طلب للتعليق خارج ساعات العمل الرسمية. وبالقدر الذي تكتسب فيه هذه الخطوة زخماً تنظيمياً إيجابياً، فإنها تفتح الباب أمام استمرار المفاوضات بين الطرفين وتحديد إجراءات عملية قد تفرضها المراجعات اللاحقة في مجالات المنافسة والشفافية في سوق الخدمات السيبرانية والإعلانات الرقمية. من خلال ما أُعلن حتى الآن، وبالمقارنة مع تاريخ الصفقة والإطار التنظيمي المحيط بها، فإن إعلان الإغلاق المبكر للمراجعة يوحي بأن المسار التنظيمي قد أتيح له التقدم إلى الأمام دون عوائق كبيرة. ومع ذلك، فإن توقيت القرار يظل غير اعتيادي إلى حد ما، خاصة أن اللجنة الفيدرالية للتجارة كانت قد أشارت سابقاً إلى أنها لا تمنح إغلاقاً مبكراً خلال فترات إغلاق الحكومة الأمريكية. وتدير FTC الإجراءات الخاصة بالمراجعات بالنيابة عن DOJ وفقاً للوائح المعمول بها، ما يجعل وجود تعاون وتنسيق بين الجهتين أمراً طبيعياً في هذا النوع من الصفقات.
كما تحمل هذه التطورات بعداً إضافياً يتصل بالبيئة التنظيمية الأمريكية بشكل أوسع. فبينما يترقب المراقبون إعلاناً قضائياً في مسألة تتعلق بإعلانات الإنترنت وتقنيات الإعلانات من طرف جوجل، تبرز تساؤلات حقيقية حول كيف يمكن للقرارات القضائية المرتقبة أن تؤثر على بنية الصفقة وعلى توزيع الأصول والحقوق التقنية بين الجانبين. فقد أشارت المحكمة الأمريكية في وقت سابق إلى وجود أدلة تشير إلى ممارسات احتكارية قد تكون مخالفة لقوانين السوق الحر، وهو ما يجعل التقييم القضائي المستقبلي لبيع أجزاء من أعمال الشركة في مجالات الإعلانات أمراً يساهم في تشكيل مسار الصفقة. وفي هذه الأجواء، يتوقع أن يصدر قاضٍ فدرالي في ولاية فرجينيا قراراً قريباً حول ما إذا كان سيتم إجبار جوجل على بيع جزء من أعمالها في تقنيات الإعلانات، وهو تطور من شأنه أن يعيد تشكيل التوازن في هذه الصفقة ويضيف أبعاد تنظيمية جديدة إلى المسار التنفيذي لها.
من حيث الجوهر، يبرز في هذه المرحلة أن إغلاق المراجعة المبكر، كما يعبر عنه المخولون التنظيميون، لا يعني نهاية التحديات التنظيمية أمام الصفقة، بل يشي بأنه سيكون هناك اختبارات إضافية في مراحل لاحقة. فالتدقيق المستمر من جانب هيئات مكافحة الاحتكار ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو جزء من منظومة تُشرف على تأثير الدمج المقترح في المنافسة والأساليب التي قد تتبناها الشركات الكبيرة في مجالات البحث والإعلان الرقمي والأمن السيبراني. وفي هذا السياق، تبقى التوقعات مفتوحة أمام مستقبل الصفقة: هل ستتجاوز الضغوط التنظيمية متزايدة من خارج الولايات المتحدة أيضاً، أم أن هناك سيناريوهات أخرى قد تدفع باتجاه تعديل هيكل الصفقة أو توزيع الأصول بين الشركتين؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستتضح تباعاً مع مرور المراجعات والقرارات القضائية التي قد تُصدر في الأيام القادمة.
وفي هذه الأجواء، تبقى مسألة المنافسة وتوازن القوة في السوق الرقمي موضع اهتمام كبير. فقد سبقت إشارات قضائية سابقة إلى أن Google قد واجهت أحكاماً تُشير إلى وجود ممارسات احتكارية في مجالات البحث والتقنيات الإعلانية، وهو ما يجعل أي قرار قضائي محتمل حول بيع جزء من أعمالها في تقنيات الإعلانات مسألة ذات تأثير مباشر على طريقة تنفيذ الصفقة وتحديد جدواها الاقتصادية والاستراتيجية. وبصورة عامة، فإن مسألة انتقال ملكية تقنيات الإعلانات وطرق تقسيم الأصول الرقمية هي من أبرز النقاط التي ستشغل العاملين في شركات التكنولوجيا والمجتمع التنظيمي على حد سواء في الفترة المقبلة. إذ أن طبيعة هذه الصفقة وتداعياتها على المنافسة في الأسواق المرتبطة بالأمن السيبراني والإعلانات الرقمية تجعل منها نموذجاً حياً للدروس التنظيمية والاقتصادية التي تتكرر في فترات مختلفة من عمر الصناعات التقنية الكبرى.
ختاماً، يظل الطريق نحو إتمام صفقة جوجل مع Wiz أمراً قيد المتابعة، مع وجود قنوات تواصل مفتوحة وتحديثات تنظيمية مستمرة. وفي ضوء المعطيات الراهنة، تظهر الصورة كأنها تتجه نحو تقليل العوائق القانونية الملموسة، لكن التحديات التنظيمية والتنفيذية لا تزال حاضرة وتستدعي متابعة دقيقة من الشركات المعنية ومن observing الجهات التنظيمية على حد سواء. مع مرور الأيام وربما الأسابيع القادمة، ستتضح الصورة النهائية لما ستؤول إليه هذه الصفقة، وإلى أي مدى ستتسق أهدافها مع المعايير التنظيمية العالمية وأولويات المنافسة في الأسواق الرقمية المتسارعة النمو.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































