كتبت: بسنت الفرماوي
أوضحت روفيندريني مينيكديويلا، مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن مصر تستحق الإشادة والدعم لما تقدمه من جهود في توفير ملاذ آمن لأكثر من مليون لاجئ من الأكثر احتياجاً في المنطقة، في ظل ظروف صعبة بشكل استثنائي. كما أشارت إلى أن اللاجئين الذين تضرروا بشدة من الصراع ما زالوا يواجهون أوضاعاً بالغة الصعوبة في ظل النقص الحاد في التمويل. وتدعو في ختام زيارتها التي استمرت يومين إلى تعزيز الدعم الدولي لمصر في جهود استضافتها للاجئين، وضمان تمكين جميع اللاجئين من الوصول إلى الخدمات الأساسية المنقذة للحياة بشكل شامل وعادل. وتُشير الأرقام إلى أن عدد اللاجئين في مصر ارتفع إلى أكثر من ثلاثة أضعاف منذ اندلاع الأزمة في السودان في أبريل 2023، ليصل الإجمالي المسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى 1.06 مليون لاجئ، فيما يشكل السودانيون ثلاثة أرباع هذا العدد. ورغم ذلك، يتهدد النقص الحاد في التمويل في مجال العمل الإنساني قدرة المفوضية على تلبية الاحتياجات المتزايدة بالشكل المطلوب.
دور مصر كملجأ رئيسي وتحديات التمويل
أكدت مينيكديويلا أن مصر تظل من بين الدول المركزية في الاستجابة للنزاعات والاضطرابات التي تؤدي إلى نزوح واسع. وتستند في تقييمها إلى استمرار مصر في استقبال فئات واسعة من اللاجئين والنازحين قسراً رغم التحديات الاقتصادية. وتضيف أن هذه الاستضافة ترفع من مسؤوليات الدولة المضيفة وتفرض على المجتمع الدولي واجباً إضافياً لتأمين الموارد اللازمة للحماية الأساسية وتوفير الخدمات الحيوية. كما تشير إلى أن ارتفاع أعداد اللاجئين يخلق ضغوطاً في قطاع الخدمات العامة والبنية التحتية، ما يجعل الحاجة إلى دعم مالي مستدام أمراً حيوياً للحفاظ على جودة الخدمات المقدمة. وتؤكد أيضاً أن نقصان الموارد ينعكس بشكل مباشر على القدرات التشغيلية للمفوضية في مصر، وهو ما يجعل من أمر تعزيز الدعم الدولي أمراً ملحاً وضرورياً لمواصلة العمل الإنساني بالشكل المطلوب.
التحديات التمويلية وتأثيرها على الخدمات
سلطت مينيكديويلا الضوء على نقص التمويل كأحد أبرز العوامل التي تقيد العمل الإنساني في مصر، وتحذر من تأثير ذلك على الخدمات الأساسية المقدمة للاجئين. تطرقت إلى وجود مراكز تسجيل المفوضية الثلاثة، حيث اضطرت إلى إغلاق مركزيْن من أصل ثلاثة بسبب القيود التمويلية، مما يؤدي إلى تقليل فرص الوصول إلى خدمات التسجيل والتوثيق. كما أشارت إلى أن الموارد المالية للمفوضية في مصر ستصل بنهاية العام إلى مستوى قريب مما كانت عليه في عام 2022، وهو العام السابق لاندلاع الأزمة في السودان. وهذا يعكس فجوة تمويلية كبيرة تتطلب حلولاً عاجلة من المجتمع الدولي. وتضمنت المعطيات المتعلقة بالدعم أن المساعدات الشهرية للاجئين انخفضت من 11 دولاراً في عام 2022 إلى 4 دولارات في عام 2025، وهو انخفاض له تبعاته المباشرة على الأسر الأكثر ضعفا. وتؤكد أن استمرار هذه الأوضاع يضع اللاجئين في وضع يتطلب تدخلات عاجلة للحيلولة دون تدهور أوضاعهم الإنسانية بشكل أكثر حدة.
التضامن المصري والتزامه الإنساني
استعرضت المسؤولة الأممية جانباً من التضامن المصري الذي تتسم به استضافة اللاجئين رغم التحديات الاقتصادية. وأكدت أن المصريين أظهروا تضامناً استثنائياً من خلال توفير الحماية والكرامة للاجئين الفارين من النزاعات والاضطرابات. وأشارت إلى أن جملة من المواقف التضامنية عبر الأجيال تظل محل تقدير من قبل المفوضية، وأن التزام مصر بحماية اللاجئين وحفظ كرامتهم لا يقتصر على التوجيهات الدولية بل يعبر عن واقع عملي في الإدراك الشعبي والممارسات الحكومية. كما أكدت أن وجود قانون لجوء جديد في مصر يعتبر محطة مهمة في تعزيز نظام الحماية الوطني، وأن المفوضية ستواصل دعم تنفيذ هذا القانون بما يضمن لطالبي اللجوء الوصول إلى حقوقهم كاملة دون تمييز، وبما يتفق مع المعايير الدولية للحماية.
الإطار القانوني للحماية وتحديثات اللجوء
تطرقت مينيكديويلا إلى أهمية قانون اللجوء الحديث في تعزيز الإطار القانوني للحماية في مصر، موضحة أن المفوضية ستواصل دعم الجهود الرامية إلى تطبيقه بشكل فعال. وقالت إنه يهدف إلى ضمان وصول طالبي اللجوء إلى حقوقهم كاملة وبغض النظر عن خلفياتهم، مع الالتزام بالمعايير الدولية للحماية. وتؤكد أن وجود مثل هذا القانون يشكل عنصراً أساسياً في بناء منظومة حماية وطنية أكثر فاعلية واستدامة، وهو ما ينعكس في سلاسل القرارات والسياسات التي تستهدف تحسين حياة اللاجئين في مصر وتحديد واجبات ومسؤوليات مختلف الأطراف.
التعاون مع مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات
وذكرت مينيكديويلا لقاءاتٍ مع سعادة السفير سيف قنديل، مدير عام مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، حيث ناقشت المساعي الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي. كما جرى استعراض تصميم استجابات قائمة على التنمية المستدامة لمواجهة تحديات النزوح، مع التأكيد أن الأزمة في السودان أدت إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، وأن جهود بناء السلام التي تُبذل في مصر ضرورية لمنح ملايين الأشخاص فرص العودة إلى ديارهم في يوم من الأيام بأمان. وذكرت أن الاستقرار وعمليات بناء السلام في المنطقة لا يمكن أن تكون منفصلة عن جهود الحماية للاجئين، بل هي جزء لا يتجزأ من برنامج يهدف إلى استعادة الحياة وتوفير فرص العودة الآمنة.
زيارة مركز استقبال المفوضية في القاهرة
قامت مينيكديويلا بزيارة مركز استقبال المفوضية في القاهرة، والتقت بعدد من الأسر اللاجئة التي شاركتها قصصها الشخصية عن النزوح ومخاوفها في ظل النقص المتصاعد في الموارد والتمويل. وشددت على أن اللاجئين يظهرون صموداً لافتاً، إلا أنهم في الوقت ذاته يتحملون العبء الأكبر نتيجة تراجع الموارد الإنسانية. وأكدت أن زيادة الدعم الدولي باتت ضرورة ملحة لضمان استمرارية تقديم الخدمات الحيوية، وأن العالم يجب أن يدرك أن مصلحة الجميع في عالم سريع التغير وأكثر اضطراباً تقتضي تحركاً جماعياً موسعاً.
الجلسات مع الجهات المانحة ودعوة لتوفير التمويل المستدام
في لقاءاتها مع الجهات المانحة، دعت مينيكديويلا إلى التحرك العاجل لسد فجوات التمويل التي تهدد الخدمات المنقذة للحياة. وأكدت أن مصر لا يمكنها تحمل هذه التحديات بمفردها، وأنه من الجدير بالثناء أن تدرك الدول حجم التحديات التي يواجهها اللاجئون وبلدان الاستضافة. وأشارت إلى أن النزوح واسع النطاق يتطلب استجابة عالمية مشتركة تشمل جميع المجتمع الدولي، وتدعو إلى تمويل مستدام وعادل لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وتواصل المفوضية عملها الوثيق مع الحكومة المصرية والشركاء في المجال الإنساني والجهات المانحة لضمان حماية اللاجئين طالبي اللجوء ودعمهم، مع استمرار الدعوة إلى موارد دولية كافية ومتوازنة لضمان الاستمرار في تقديم الخدمات اللازمة ورفع مستويات الحماية.
CTA:
إن الدعوة التي أطلقها الفريق الأممي في القاهرة تظل قائمة، وتؤكد أن العمل المتواصل بين الحكومة المصرية والشركاء الدوليين هو الضمان الأول لاستمرار حماية اللاجئين وتلبية احتياجاتهم في ظل واقع نزوح عالمي يتجه نحو مزيد من التحديات. ستظل المفوضية على تواصل مع الدول المانحة والشركاء وتدعم تطبيق الإطار القانوني الجديد للحماية بما يضمن كرامة وحقوق اللاجئين دون أي تمييز.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































