كتبت: بسنت الفرماوي
كان من المنوفية إلى العاصمة يوماً آخر يعبّر عن مأساة عائلية عميقة، حيث روت هناء جمال، البالغة من العمر 29 عامًا، تفاصيل سلسلة من الخلافات والمشكلات التي دخلت حياتها الزوجية منذ نحو أربع سنوات، والتي تحولت في نهاية المطاف إلى ما تشكو من أنه اختطاف ابنيها من قبل أهل زوجها بسبب خلافات أسرية بين الطرفين. تؤكد هناء وهي أم لطفلين، مصطفى الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ومالك الذي لم يتجاوز السنة ونصف، أنها اضطرت للانخراط في عملٍ قسري داخل مصنع تدوير زجاج يملكه أهله، وأن زوجها وهو محاسب في إحدى الشركات الحكومية كان يضغط عليها باستمرار لإبقاء العمل من أجل المال، مع تسجيلها تجربتها اليومية في هذا الصدد. تقول في سردها إلى من تقص عليهم تفاصيل حياتها: كان يقول لي دوماً إنني أحتاج إلى العمل كي أأكل ابني، كي أطعمه، كي أشرب، حتى لا يبقى قرشٍ في يدي. وتؤكد أن الضغط لم يتوقف عند حدود العمل فقط، بل شمل تهديدات مستمرة بأنه إذا لم تنزل إلى العمل فهو سيُرمي بها وبأبنائها في مواجهة صعوباتٍ لم تكن تقوى عليها.
وفي سياق الحديث عن حادثة غرق طفلها مالك، الذي لا يزال عمره سنة ونصف، تقص هناء تفاصيل اللحظات الأخيرة: تقول إن مالك غرق يوم الخميس الماضي في ترعة تقع بجوار مصنع الزجاج الواقع في نفس موقع بيت أهل زوجها، وهو ما يربط بين بيت الزوج ومكان عمله كالسور الواحد، وتروي أنها كانت عائدة من العمل حينها، وأنها تركت الأولاد في رعاية ابن أخو زوجها رغم اعتراضها، مذكّرةً بأنها سلّمت الأبناء لأخي زوجها بناء على طلب الأخير، إلا أن ما حدث كان أكثر مأساوية من ذلك حينًا. وتؤكد أن ابنها الأكبر مصطفى عاد إلى المنزل في لحظةٍ ما وهو يئن ويشدّ يديها ليبين أنه يريد قول شيء، إلا أنه كان يعاني من صعوباتٍ في النطق، ما زاد من صدمة الأم والقلق حول ما إذا كان الابن الذي كان في الحضانة قد اختفى أم لا.
ولدى سؤالها عن مالك، قالت إنها علمت لاحقًا أن الأخير لا يزال عند جدّه، لكنها أضافت أنها اكتشفت بعدها أن مالك قد غرق في الترعة القريبة، وهو خبرٌ صادمٌ نقلته إلى الشرطة والجهات المعنية. وبعد هذا الحدث، لم يكن أمامها سوى التفكير في المخاطر التي واجهتها حين قررت رفض العودة للعمل في المكان ذاته الذي شهد الحادث، حيث صدر عنها قرارٌ بترك المنزل من قبل زوجها، وهو ما جعلها تجد نفسها مرمية في الشارع بلا مأوى، في موقفٍ صعب يعكس تردي أوضاعها الاجتماعية والإنسانية.
ومن ثم فإن هناء جمال تؤكد أنها قامت بتحرير عدة محاضر لدى الجهات المختصة، من بينها محضر خطف ومحضر ضم الطفل، وقد رصدت رقم المحضر كـ64 لسنة 2025، وتوضح أنها تقيم حالياً في الإسكندرية، لكنها تنتمي إلى الصعيد، وتعبّر عن تفاقم معاناتها بسبب الواقع الذي تعيشه بعيداً عن مصدر دخل ثابت وحالة أمان تقود إلى العودة إلى أطفالها فوراً. كما تروي أنها دخلت في علاقات زوجية غير متوازنة من حيث الصورة الاجتماعية، حيث أُعلن أمامها أن زوجها إمام مسجد ومحاسب، قبل أن تكتشف أنه يختلف عما قيل لها من حيث العمر والتصريحات الاجتماعية.
إن القصة التي ترويها هناء جمال ليست مجرد سيرةً شخصية، بل هي نموذجٌ يطرح سؤالاً أوسع حول واقع الخلافات الأسرية وتأثيرها في تماسك العائلة وعلى الأطفال. فالظروف الاقتصادية والضغوط الاجتماعية قد تفتح أبواباً لعنفٍ غير مباشر، وتؤدي في أحيان كثيرة إلى آفاتٍ أكثر خطورة مثل الخطف والتشتت الأسري، وهو ما تؤكد صاحبة الشكوى أنها تعيشه الآن بكل تفاصيله المؤلمة. وتؤكد أنها لا تزال في انتظار استقرارٍ يضمن لها عودة ابنها المختطف إلى حضنها، وتطالب المجتمع والجهات المختصة بالتدخل من أجل الحفاظ على حقوقها وحقوق أطفالها، وتثبيت حقها في رعاية أبنائها وتوفير مأوى آمن لها ولأطفالها حتى تتم تسوية وضعهم القانوني.
وعند هذه النقطة، تبقى هذه الحكاية شاهدةً على صعوبة الواقع الذي تعيشه امرأة تعرّضت لظروفٍ قاسية داخل الحياة الزوجية، وتبحث عن ملاذ يحميها ويعيد إليها ابنيها المختطفين في ظلّ سلسلة من التحديات القانونية والاجتماعية. وفي ظل غموض الأحداث وتضارب الأقوال، تظل نداءات هناء جمال محصورة بين ما لديها من وثائقٍ رسمية وما تتطلع إليه من تدخلٍ حاسم يفسح المجال أمام عودة الابن المختطف، وتوفير سبلٍ لحماية الأسرة من الانزلاق في دوائر الخسارة المتتالية.
خلفية العائلة والمكان
ترتكز القصة على أمين أسرة تتقاسم مع عائلتها التفاصيل اليومية التي تعكس وضعاً اجتماعياً صعباً، حيث ذكرت هناء أنها من الصعيد وتقيم حالياً في الإسكندرية، ما يعكس محطة انتقالية في حياتها بين مناطق مرتفعة وتحتضنها ظروف اقتصادية متذبذبة. يشير الموقع الجغرافي إلى وجود مصنع الزجاج وجدار الفصل بين المنزل ومكان العمل، وهو ما يضع العلاقة بين الأسرة والوظيفة ضمن إطارٍ ضيق من حيث المساحة والوقت والتأثير النفسي.
ظروف العمل والضغط الأسري
تتناول الشهادة التي أدلت بها الملامح التي ترويها عن فرض العمل بالإكراه داخل مصنع تدوير زجاج يملكه أهله، وتؤكد أن زوجها كان يدّعي أن العمل ضرورياً لإطعام الأطفال وتوفير الحياة الكريمة للأسرة، مع إشارات إلى راتب يصل إلى 1800 جنيهاً شهرياً وفق أقواله، وهو رقم يبرر به الضغوط المستمرة وطلبها بالعمل حتى لا تبقى الأسرة بلا مورد. كما تذكر التهديدات المتبادلة بين الطرفين والتي وصلت إلى درجة إجبالها على العمل وعدم الرغبة في تقديم أي دعم مالي من جانبه، وهو ما يترك أثره العميق على استقرار الأسرة وتماسكها.
حادثة الغرق وتداعياتها
وفق ما ترويه الشاهدة، وقع الحادث الأحدث والمأساوي عندما غرق مالك، الابن الأصغر، في ترعة مجاورة للمكان المشار إليه، أثناء عودتها من العمل وبوجود أطفالها في رعاية أحد أقارب زوجها وأخيه، حيث تركتهم الحضانة بناءً على طلب الأخير. وتذكر أنها حين عادت وجدت الابن الأكبر مصطفى قادماً إليها وهو يحاول أن يقول شيئاً، لكنه كان يعاني من صعوبات في الكلام. وتضيف أن أهل الزوج قالوا له إنه موجود عند الجدة، لكنها اكتشفت في وقت لاحق أن مالك قد غرق بالفعل في الترعة. وتتواصل معايير الحزن والصدمة عندما تبلغني بأنّ ما حدث يظل قيد التحقيق ويترك الباب مفتوحاً أمام كثير من الأسئلة حول ما إذا كان هناك تقاعس من جانب الأسرة أو الجهات المعنية، بينما تتصاعد الدعوات إلى البحث عن حلول سريعة من شأنها إيقاف مسلسل المعاناة.
الإجراءات القانونية والنداءات
لا تتوانى هناء عن ذكر ما بدت عليه الإجراءات التي اتخذتها، حيث أشارت إلى أنها قامت بإعداد وتقديم عدة محاضر رسمية، من بينها محضر خطف ومحضر ضم الطفل، وأدلت بأن المحضر المسجل يحمل الرقم 64 لسنة 2025. تشدد على أنها تحملت المسافة من الصعيد إلى الإسكندرية بحثاً عن العدالة والأمان لابنائها، وتؤكد أنها ما زالت في انتظار عودة الابن المختطف، وتؤكد أنها لا تتردد في التوجه نحو الجهات المسؤولة في حال وجود أي تقصير أو تقاعس. كما تروي أنها ترى أن حياتها وتربية أطفالها مرتبطة باستقرارٍ أسرى يضمن سلامة الأطفال ويؤدي إلى حمايتهم من مخاطرٍ محتملة في المستقبل، مع الإشارة إلى أن خلفيتها القبلية والدينية والاجتماعية قد تؤثر في مواقفها وتصرّفاتها في هذه الأزمة.
مناشدة السيدة للدعم
ختام الحديث في رواية هناء جمال يتوقف عند مناشدتها للمجتمع والجهات المختصة بأن يتدخلوا بشكل عاجل من أجل عودة ابنها المختطف وتوفير الحماية اللازمة لها ولأطفالها، خصوصاً وأن لديها تجربة حياة صعبة وتحديات يومية تتعلق بالمعيشة والكرامة الإنسانية. وتؤكد أنها لا تملك خياراً سوى التوجه إلى الشرطة والدوائر القضائية للمطالبة بحقوقها، رافعة صوتها بأمل أن يتم إنصافها وإنصاف أطفالها عبر خطواتٍ عملية تضمن عودة الابن المختطف وتوفير مستوى حياة آمِن لهم جميعاً. وتختتم بأنها تتطلع إلى مستقبلٍ يتيح لها وأطفالها فرصة الحياة الآمنة والساعدة القانونية، وأن تظل المطالبة بالعودة الآمنة والمحسوبة للابن المختطف هي العنوان الذي تقاوم به الأمواج المتلاطمة من حولها.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































