كتب: أحمد عبد السلام
تتجه الأنظار في مصر نحو مسار اقتصادي وسياحي واعد، مع توقع أن تفتح حزمة الاستثمارات الضخمة الباب أمام طفرة حقيقية في قطاع السياحة والاستثمار العقاري. فقرار قطر ضخ استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار في مشروع “علم الروم” الواقع بمحافظة مطروح يمثل حجر زاوية في تعزيز الحركة السياحية وتفعيل دور القطاع العقاري في هذه المنطقة الحيوية. وإلى جانب ذلك، يتوقع أن يصل عدد الزوار إلى نحو 25 مليون سائح بحلول عام 2026، وهو رقم يبدو في حال تحققه استمراراً لمسار النمو الذي تشهده السياحة المصرية. وفي هذا السياق، أكد مجدي صادق، عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة، أن العام 2026 سيكون علامة فارقة في تاريخ السياحة المصرية، مدعومًا بموجة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات العقارات والسياحة. كما أشار إلى أن نجاح مشروعات كبرى سابقة، وعلى رأسها مشروع “مراسي”، والذي حقق مبيعات بنحو ملياري دولار خلال ساعات من طرحه للحجز، قد مثل قاطرة لجذب استثمارات جديدة وكبيرة مثل الاستثمارات القطرية المعلنة مؤخرًا. هذا الواقع يحتم ضرورة وجود إطار تشريعي ضابط للسوق، بما يضمن تنظيم أنشطة المطورين العقاريين ويحفز الاستثمار المسؤول. وتؤكد هذه المعطيات أهمية وضع قانون المطورين العقاريين كأداة تنظيمية أساسية لضبط المسارات الاستثمارية وتوجيهها نحو تحقيق مصالح الدولة والمستهلك معاً. وفي إطار هذا النقاش، يبرز الاهتمام بإطار تشريعي واضح يضع قواعد صارمة وملزمة تضمن استدامة النمو وحماية الحقوق المتعددة للأطراف المعنية. ولذا، يبرز الحديث عن قانون المطورين العقاريين كضرورة ملحة، لا مجرد خيار تنظيمي عابر، لما يترتب عليه من ثقة المستثمرين وتوازن المصالح وتعزيز موقع مصر كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة. كما يضيف النقاش أن وجود هذا القانون سيعزز من قدرة السوق على جذب استثمارات جديدة من مصادر مختلفة، ويعيد ترتيب العلاقات بين المستثمرين والحكومة والمستهلكين وفق معايير شفافة ومحددة.
قانون المطورين العقاريين.. إطار تشريعي لضبط السوق
في سياق التطورات المطروحة، يرى مجدي صادق أن وجود قانون المطورين العقاريين سيكون بمثابة الإطار الذي يحكم سلوك الفاعلين في السوق ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمار العقاري والسياحي. فإطار قانوني جامع يمكّن من وضع ضوابط واضحة ومُلزمة للمطورين يعزز الثقة ويقلل من احتمالات الخلل في التنفيذ. ويشدد صادق على أن الأولوية ليست في تنظيم البيع فحسب، بل في ضبط آليات التنفيذ والالتزام بالجداول الزمنية والشفافية في المواصفات والتسليم. القانون المقترح يجب أن يضم أحكاماً تقضي بمنع طرح الوحدات للبيع قبل إنجاز نسبة 50% من المشروع، وهو إجراء يحول دون الدخول في صفقات وعود ويدفع نحو تنفيذ ملموس يترجم الاستثمار إلى واقع ملموس على الأرض. كما يتعين أن تكون هناك ضوابط صارمة حول خروج الأموال من المشروع وتدفقها، مع إجراءات تضمن استيفاء الدولة حقها من العوائد الاستثمارية وتقلل من مخاطر تحويل الرساميل خارج البلاد دون ضوابط مناسبة. في هذا السياق، يشير صادق إلى أن هذه المعايير ليست تقييدات بل أدوات لضمان حقوق المستهلكين والدولة وتحقيق توزيع عادل للربحية والفائدة. إضافة إلى ذلك، يلفت إلى أن تطبيق مثل هذه الضوابط ينبغي أن يكون متسقاً مع ممارسات دولية معروفة، بما يعزز الثقة ويجذب المزيد من الاستثمارات القطرية والعالمية إلى السوق المصري. وتؤكد هذه الرؤية أن وجود قانون المطورين العقاريين ليس اختراعاً جديداً وإنما ضرورة معيارية لضمان الشفافية والكفاءة والاستدامة في سوق عقاري وسياحي يتسم بحجم الاستثمارات والتحديات الإدارية والتنظيمية. كما يرى أن وضع القانون كأداة تنظيمية سيكون علامة على النضج التنظيمي للسوق وتحولاً في بيئة الاستثمار من مجرد وعود إلى مخرجات ملموسة على الأرض، وهو ما يعزز احتمالات نجاح مشاريع كبرى كعلم الروم ومراسي وغيرها من المبادرات على المدى الطويل.
نجاح مراسي.. قوة جاذبة للاستثمارات القطرية
يستند هذا المسار إلى سجلات نجاح سابقة في السوق المصري، وفق ما أشار إليه مجدي صادق. فقد حقق مشروع مراسي بمصر نجاحاً لافتاً عندما بلغ حجم المبيعات نحو ملياري دولار خلال ساعات من طرحه للحجز، وهو ما يعتبره خبراء السياحة والعقارات دافعاً قوياً لاستمرار وتيرة الاستثمار في القطاع. هذا الإنتاج القوي من ثقة السوق المحلية والعربية يؤكد قدرة مصر على استقطاب استثمارات كبيرة من جهات دولية، ويعزز كذلك من مكانتها كرصيد آمن للمستثمرين الباحثين عن فرص ذات عوائد عالية وخطط طويلة الأجل. وبناءً على هذا الأداء، فإن الأوساط الاقتصادية تلاحظ أن مشروعات مماثلة تشكّل جسرًا يربط بين النجاح المحلي والإمكانات الدولية، خصوصاً مع وجود إشارات عن استثمارات قطرية ضخمة أعلنت في الآونة الأخيرة وتستهدف مشاريع كبرى في المنطقة. وفي هذا السياق، يرى صادق أن استمرار نجاح مثل مراسي يزوّد المستثمرين بطاقات ثقة إضافية، ويفتح أمامهم فرصاً أكثر للمشاركة في مشاريع جديدة، خاصة تلك التي تترافق مع حزمة من الضمانات التنظيمية والتسهيلات الاستثمارية. إن وجود نماذج ناجحة يثبت صحة المنطق القائم على أن الاستثمارات الكبرى تتطلب إطاراً تشريعياً واضحاً يتيح لها الحركة الآمنة والفعالة، ويدفع بالشركاء الدوليين نحو المشاركة في مسار التنمية الاقتصادي الشامل الذي تسعى مصر إلى تعزيزه. وفي النهاية، فإن هذا المسار من شأنه أن يساعد في ترسيخ مكانة مصر كوجهة مفضلة للمستثمرين، ويعزز قدرة قطاعي السياحة والعقارات على النمو والتوسع في ضوء بيانات الأداء وتوقعات النمو التي تطرحها الجهات المعنية.
علم الروم.. منطقة ذات قيمة تاريخية واستراتيجية
لا يغيب عن المشهد التاريخي والجيوبوليتيكي موقع منطقة علم الروم، التي يربطها صادق بتاريخ طويل يضرب بجذوره في عمق التاريخ. وفي شرح لهوية المنطقة، يوضح أن علم الروم كانت في العصور القديمة محوراً لتدفق القمح وغيره من المحاصيل إلى أوروبا، وبالتحديد إلى روما، مما يعكس أهميتها الاستراتيجية والجغرافية التي جعلت منها الآن محوراً لاستثمارات ضخمة وقابلة للتمدد. فالتوقعات المحيطة بالمشروع تشير إلى أن هذه المنطقة ستتحول من موقع تاريخي إلى مركز استثماري وطني يتغذى من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ويستثمر في البنية التحتية والسياحة والمنتجات العقارية عالية الجودة. وهي الصورة التي تعزز من قيمتها كواجهة استثمارية، وتفتح الباب أمام مزيد من الدعم الحكومي والتعاون الدولي في إطار التنمية الشاملة لمصر، خاصة في ظل وجود مشاريع كبرى أخرى في جغرافيا مطروح وغيرها من المحافظات الساحلية. كما أن تعزيز القيمة التاريخية للمنطقة يترجم إلى رغبة في الاستفادة من هذا المزيج بين التاريخ والاقتصاد من أجل بناء نموذج تنموي متكامل ينعكس إيجاباً على السكان المحليين ويعزز من قدراتهم في مهن جديدة ومتنوعة ترتبط بالسياحة والضيافة والخدمات المساندة.
التكامل بين السياحة والاستثمار.. وتحديات الإطار التنظيمي
يتضح أن التطورات الراهنة تعكس تكاملاً محورياً بين القطاعين السياحي والاستثماري، حيث من المتوقع أن ينعكس تدفق الاستثمارات في مشاريع كبرى إيجاباً على حركة السياحة وتوفير فرص عمل جديدة، وهو ما ينعكس في رفع الإيرادات وتنويع مصادر الدخل الوطني. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في توفير إطار تشريعي يضمن استدامة هذا النمو ويواجه مخاطر السوق غير المنضبط. فوجود قانون المطورين العقاريين ليس هدفاً بحد ذاته، بل أداة تنظيمية تتيح تعزيز الشفافية وتحديد معايير صارمة تتعلق بالإنشاء والتسليم والتمويل والضوابط النقدية والحدود الجغرافية للمشروعات. ويرى المراقبون أن نجاح الاستثمارات في علم الروم ومشروعات كبرى أخرى يعتمد بشكل كبير على مدى الالتزام بتلك الضوابط، وعلى قدرة الجهات المعنية على مراقبة التطبيق وتقييم النتائج بشكل دوري. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن وجود مثل هذا الإطار التشريعي يعزز الثقة لدى المستثمرين من الداخل والخارج، ويحفّز تدفقات رأس المال ويدفع نحو مزيد من المشاركة الفاعلة في خطط التنمية الاقتصادية الطويلة الأجل. وفي النهاية، يظل الهدف من كل ذلك هو بناء منظومة مستدامة تدعم النمو السياحي والاقتصادي وتحقق فوائد ملموسة للسكان المحليين والجهات المسؤولة على حد سواء.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































