كتب: صهيب شمس
يطرح سؤال شائع بين المسلمين حول إمكانية قضاء صلاة الضحى بعد أوقات الظهر والعصر. وفي هذا السياق أفتى الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية السابق، بأن قضاء صلاة الضحى يجوز بعد الظهر أو العصر. فالضحى من الصلوات التي لها وقت محدد، يبدأ من بعد شروق الشمس بنحو ثلث ساعة، وينتهي قبل الظهر بمثل هذا الوقت. وبناء على ذلك، يمكن الحديث عن قضاء صلاة الضحى ضمن نافذة زمنية معروفة، وهو ما يتيح للمسلم تنظيم عبادته بما يتناسب مع جدوله اليومي. ويعتبر هذا الحكم جزءاً من فهم أوسع لفضل صلاة الضحى وآدابها.
الحكم الشرعي لقضاء صلاة الضحى
أكد الدكتور عاشور أن قضاء صلاة الضحى بعد الظهر أو العصر مشروع، وذلك لأنها صلة زمنية محددة لها وقت معيّن. وهو يرى أن قضاءها يندرج ضمن الصلوات التي لها وقت، وهو وقت يبدأ من بعد شروق الشمس حتى قبل الظهور. وبناءً على ذلك فإن قضاء صلاة الضحى ضمن الفترة المتاحة بعد الظهر أو العصر يجوز وفقاً للحكم الشرعي. كما أشار إلى أن صلاة الضحى من الصلوات التي لها فضل طويل وفوائد كثيرة، وهو ما يجعل أدائها وتداركها خياراً مطروحاً للمسلم عند وجود عذر يمنعها في وقتها الأصلي. وفي هذا السياق يبرز أن الضحى ليست مجرد نافلة عارضة، بل هي عبادة ثابتة في شريعتنا لها مكانتها عندما تيسر للمؤمن أداؤها ضمن إطارها الزمني.
أوقات قضاء صلاة الضحى ومدى امتداده
ينطلق وقت صلاة الضحى من طلوع الشمس بنحو تلت ساعة، وهو زمن يبدأ فيه المسلم بالعبادة ثم يمتد حتى قبل الظهر بمثل هذا الوقت. ويستحب للمستطيع أن يؤخر أداء الضحى لمدة ثلث ساعة، على أن تمتد الصلاة حتى قبل الظهر بعشر دقائق فقط. وهذه الإيضاحات تضع إطاراً زمنياً واضحاً يتيح للمؤمن قضاء صلاة الضحى إذا ما فات وقتها الأصلي قبل الظهر. كما يؤكد هذا التحديد أن صلاة الضحى ليست مرتبطة بمكان واحد ولا تحتاج إلى زمن محدد بعينه عند جمهور أهل العلم، بل هي منضبطة بوقت الشروق والظهر، مع سعة في التوقيت بما يحقق فضيلة الصلاة واتباع السنة.
فضل صلاة الضحى وآدابها في قضاء الصلاة
يصف أهل العلم صلاة الضحى بأنها صلاة لها فضل كبير وفوائد عديدة. فقد روى النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا ذر رضي الله عنه قال: إن رسول الله قال: «يُصْبِحُ عَلى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحدِكُمْ صَدَقةٌ: فكُلُّ تَسْبِيحةٍ صدقةٌ، وكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صدقةٌ، وكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صدقةٌ، وكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صدقةٌ، وأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صدقةٌ، ونَهْيٌ عَنِ المُنكَرِ صدقةٌ. ويُجْزِيءُ مِنْ ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما منَ الضُّحَى». وهذا الحديث يبرز أن أداء ركعتين من الضحى وإن قصرت عن عدد الركعات المكملة، يكفيان لإدخال الخير والبركة ضمن يوم المؤمن. وفي مقابل ذلك يشير أهل الفتوى إلى أن قراءة سور معينة في صلاة الضحى تعزز من فضلها وتؤكد سعتها، حيث يستحب للمصلّي قراءة سور من القرآن مثل «والشمس» و«والضحى» إضافةً إلى «الكافرون» و«الإخلاص»، مع خيار واسع للمستطيع بأن يقرأ ما تيسر له، فالأمر في ذلك سعة. كما أشارت بعض آراء الأئمة الشافعية إلى أن صلاة الضحى قد تصلى بسورتي الإخلاص والكافرون حتى لو تكررت الركعات، نظراً لأن سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن الكريم. إن هذا التنويع في القراءة يعكس التسامح في التخيير بين آداب القراءة مع الحفاظ على أصل السُّنة وفضلها.
رفع أذان الظهر وصلاة الضحى
وجهت أمين الفتوى الشيخ محمود شلبي سؤالاً حول صحة صلاة الضحى أثناء رفع آذان الظهر. وأجاب بأن صلاة الضحى لا تصح أثناء رفع أذان الظهر، لأنها بذلك خرجت عن وقتها. وبالتالي فإن جملة من يحرص على قضاء الضحى يجب أن يلتزم بوقت يبدأ من طلوع الشمس، وأن ينتظر حتى يتاح له الإتيان بالركعات ضمن الفترة المخصصة للضحى قبل انتهاء وقتها. وفي هذا الإطار أوضح أن التوقيت المحدد لصلاة الضحى ليس بعيداً عن وقت الظهر، ولكنه يحتاج إلى الالتزام بالدخول في نافذة الوقت المعتبرة حتى لا تفوت صلاة الضحى وتخرج عن نطاقها الشرعي.
آداب القراءة في صلاة الضحى
تتسع آداب صلاة الضحى بحسب ما يراه العلماء، خصوصاً في اختيار السور والقراءة. فمن جهة، يستحب أن يتلو المصلي سوراً مثل «والشمس» و«والضحى»، إضافة إلى «الكافرون» و«الإخلاص»، وذلك كخيارٍ موسع ضمن الاستحباب. ومن جهة أخرى، يوضح بعض الأئمة الشافعية أن قراءة سور الإخلاص والكافرون قد تكون كافية حتى إن تكررت الركعات، فالقراءة هنا ليست شرطاً ملزماً لكنّها مستحبة وتضاف إلى فضيلة الركعات. وهذا التوجيه يعكس وسع الشرع في كيفية أداء صلاة الضحى، مع التزام النية والخشوع والتقوى في أداء الركعات وقراءة ما تيسر للمسلم. وتظل هذه الآداب في إطار الاستحباب، يسمح بها لمن شاء أن يقرأ بما تيسر له من سور القرآن، دون إلزامية قطعياً لما ورد في نصوص أخرى.
عدد ركعات قضاء صلاة الضحى وأداؤها
أما فيما يخص عدد ركعات صلاة الضحى، فالمسلم يستطيع أن يؤديها ركعتين، أو أربعاً، أو ستاً، أو ثمانٍ. كما يجوز أن يصليها ركعتين ركعتين، ويجعل لكل ركعتين تشهداً وسلاماً، أو أن يصليها أربعاً أو ثمانٍ بتشهد واحد وسلام. هذه الخيارات تعكس مرونة في تطبيق السنة، وتتيح للمؤمن اختيار ما يتناسب مع وقته وظروفه، بما يحفظ روح العبادة وخلوص النية. وتظل القاعدة العامة أن الضحى صلاة لها وقت محدد وتنوع في عدد الركعات يتيح للمصلّي ضبطها وفق حاله اليومية وظروفه.
خلاصة تتعلق بقضاء صلاة الضحى كخيار عبادي
إن الحديث حول قضاء صلاة الضحى يكشف عن مرونة تشريعية وجمالية في إطار العبادة، فالمسيِّر في أمور الدين لا يجد حرجاً في تنظيم صلاته ضمن أوقات محددة مع الحفاظ على أصل الفريضة والفضل المرتبط به. وفي الواقع، فإن قضاء صلاة الضحى ليس مجرد خيار إضافي، بل هو باب للثواب والفضل يساهم في إثراء الحياة الروحية للمسلم، خصوصاً عندما يتعذر عليه أداء الصلاة في أوقاتها الأصلية لظروف قهرية أو اضطرارية. وبذلك يصبح قضاء صلاة الضحى تجربة روحية مؤكدة، يواجه بها المسلم تحديات يومه مع صلاح النية ودوام التماس بالخير، وفق ما يحدده العلم الشرعي من أقوال وآداب ومبادئ.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































