كتبت: بسنت الفرماوي
أعرب فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، عن قلق بالغ من تدهور الوضع الإنساني في ولاية شمال دارفور بالسودان مع استمرار موجات النزوح الجماعي عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر الأسبوع الماضي. وفي مؤتمر صحفي عقده بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، أكد أن الوضع يمضي نحو كارثة إنسانية في دارفور تتصاعد بسبب القتال العنيف وتواتر الانتهاكات بحق المدنيين، بما في ذلك تقارير عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وإذلال وابتزاز وهجمات انتقامية تستهدف السكان المدنيين.
التطورات الميدانية وتداعياتها
أشار الحق إلى أن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة كثّفت حضورها الميداني وتنسيق عملياتها لتوفير المساعدات الحيوية للمدنيين الذين يفرّون من موجة العنف المتصاعدة. وأكد أن سلامة العاملين الإنسانيين وتيسير وصول الإمدادات إلى المناطق المتضررة تمثل أولوية قصوى، مع تزايد الضغط على الموارد والقدرات اللوجستية في المنطقة.
أرقام النزوح وتداعياتها على المجتمعات
بحسب تقارير منظمة الهجرة الدولية، نزح نحو 82 ألف شخص من مدينة الفاشر ومحيطها منذ السادس والعشرين من أكتوبر، متجهين نحو مدينة طويلة المجاورة التي تستضيف أصلاً مئات الآلاف من النازحين منذ اندلاع القتال في الإقليم. وتُشير التقارير إلى أن هذه المدينة الطويلة تستقبل أعداد كبيرة تطرح تحديات كبيرة أمام الخدمات المحلية والمجتمعات المضيفة التي تقف أمام ضغوط متزايدة في قطاع الصحة والمياه والكهرباء والتغذية.
انتهاكات وتحديات تتصل بالمدنيين
وتؤكد تقارير رغم جملة الوضع الإنساني، وجود مؤشرات عن أعمال عنف تستهدف المدنيين أثناء محاولاتهم الفرار من مناطق القتال. وقد أوردت الوكالات الأممية أن هذه الانتهاكات تشمل عمليات انتهاك جسيم تتصل بحقوق وأمن السكان، وتلقي بظلال ثقيلة على مساعي الوصول إلى المستهدفين وتقديم العون الإنساني. كما أن أعداد المصابين تتزايد مع كل حركة فرار، ما يعمّق الحاجة إلى رعاية صحية عاجلة وشبكات دعم في المراكز المستقبلة للنازحين.
واقع النساء والفتيات في ظل الفوضى
وتحذر وكالة الأمم المتحدة للحقوق الإنجابية من أن النساء والفتيات يتعرضن لعمليات اغتصاب واختطاف وعنف مفرط أثناء محاولتهن الفرار من مناطق القتال، وهو وضع يثير قلق المجتمع الدولي ويدعو إلى حماية عاجلة ومرافق آمنة للنساء والفتيات أثناء النزوح. كما وصلت إلى مدينة طويلة أعداد كبيرة من المصابين بنحو يقدَّر بنحو 1300 شخص أصيبوا بأعيرة نارية خلال محاولاتهم الهرب من الفاشر، وهو رقم يبرز حجم الأزمة الصحية التي تعصف بالمنطقة وتداعياتها على الخدمات الأساسية المتاحة للمصابين والنازحين.
دعوات للسلام والوصول الإنساني
دعا فرحان حق جميع الأطراف المتحاربة إلى وقف فوري للأعمال العدائية والالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، مع تأكيده على ضرورة تأمين سلامة المدنيين/workers العاملين في المجال الإنساني وتسهيل وصول المساعدات دون عوائق. وتظل المطالب الأممية قائمة بإيصال الإغاثة إلى جميع المناطق المنكوبة والسماح بمرور الفرق الطبية والمواد الأساسية دون لَجَاجات أو عوائق، وهو ما يسهم في الحد من حجم الكارثة الإنسانية في دارفور.
الوضع الإقليمي وتدفق اللاجئين عبر الحدود
في سياق متصل، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن تشاد تستضيف حالياً ما يزيد على 1.4 مليون لاجئ، معظمهم من إقليم دارفور، محذّرة من احتمال تدفق المزيد من النازحين عبر الحدود مع تصاعد القتال، مما يزيد الضغط على المجتمعات المحلية المضيفة ومواردها المحدودة. هذا الواقع يجعل من الأزمة في دارفور مسألة إقليمية تتجاوز الحدود وتستلزم استجابة دولية مستمرة وتنسيقاً بين الدول المعنية لدعم اللاجئين والمجتمعات المستقبلة.
التقييمات والتحذيرات من الانزلاق إلى دوامة العنف
يرى مراقبون أن الأوضاع في دارفور تنذر بعودة الإقليم إلى دوامة العنف الشامل التي شهدها مطلع الألفية، إذ تتداخل الصراعات العرقية والمنافسات على الموارد مع الصراع السياسي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويشير المحللون إلى أن السيطرة على مدينة الفاشر، وهي آخر كبريات مدن الإقليم التي كانت تحت سيطرة الجيش، تُعد تحولاً ميدانياً يجعل من المشهد أكثر تعقيداً وتوتراً، وربما يغيّر موازين القوى في الصراع على السلطة والموارد في المنطقة.
الاستجابة التمويلية وخيارات المجتمع الدولي
وتحذر منظمات إنسانية من أن استمرار القتال وعرقلة وصول المساعدات قد يؤدي إلى مجاعة واسعة النطاق خلال الأشهر المقبلة، في ظل انهيار الخدمات الصحية وشحّ الإمدادات الغذائية والطبية. وفي هذا السياق، تدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تعبئة عاجلة للموارد ودعم خطة الاستجابة الإنسانية للسودان التي لم يُموِّل منها حتى الآن سوى جزء ضئيل لا يتجاوز 35%، وهو ما يضع ضغوطاً غير مسبوقة على المانحين والمنظمات الإغاثية ويقلّص القدرة على تقديم الخدمات الحيوية للسكان المتضررين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































