كتب: صهيب شمس
لماذا لا تنفذ الحكومة المشروعات وتتركها للمستثمرين؟ سؤال تكرر مع إعلان صفقة علم الروم بين مصر وقطر، خصوصاً عندما كان الحوار يتركّز حول حجم الاستثمارات الضخمة المخصصة لتنمية مدينتي العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية. في كلمته اليوم، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة واجهت على مدار السنوات الخمس الماضية حملة تشكيك وهجوم بسبب هذه الاستثمارات الكبرى والتوجه نحو تنفيذ المشروعات القومية عبر مسارات متعددة. كما أشار إلى أن التقييمات والخطابات على منصات التواصل الاجتماعي ظلّت تتداول تساؤلات حول جدوى الإنفاق وهل ستؤدي العوائد إلى استدامة التنمية. وفي هذا السياق، أكد أن ما تم من إنجاز بنية تحتية في هذه المدن كان له أثر مباشر في تعزيز الثقة وتحفيز المزيد من الاستثمارات في منطقة الساحل الشمالي. ومن ثم جاءت تصريحات رئيس الوزراء في سياق توضيح الصورة الكلية، والدفاع عن استراتيجية الدولة في الاعتماد على مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص وإطار العمل المؤسسي الذي يعزز من قدرة الدولة على تنفيذ المشروعات القومية عبر قنوات استثمارية متنوعة، بعيداً عن الاقتصار على الإنفاق الحكومي المباشر فقط.
الإطار العام للمسألة: تشكيك واستفهام حول نماذج التنفيذ
وتحت مظلة الحديث عن مسار تنفيذ المشروعات، أشار مدبولي إلى أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت خطاباً متداخلاً بين مناهج تشكيكية وآراء إسقاطية تتناول ملف الاستثمارات الضخمة في المدن الجديدة والعاصمة الإدارية. وقد أكد أن الحكومة تواجه هذا النوع من النقد بنهج واضح يركز على بناء بنية تحتية متينة تعزز من قدرة الاقتصاد الوطني وتتيح بيئة جاذبة للاستثمار. كما لفت إلى أن ما أنجزته الدولة في البنية التحتية كان سبباً رئيسياً في جذب العديد من الاستثمارات إلى منطقة الساحل الشمالي، وهو ما يلمسه المستثمرون من تطور ثابت في الخدمات والربط بين المدن الجديدة وربطها بمراكز النمو في مصر. كما أوضح أن الأساليب التي تعتمدها الحكومة ليست خياراً عشوائياً، بل هي إطار مفتوح يتيح التنويع في أدوات التمويل من خلال الشراكات الاستثمارية وتوفير الفرص للمستثمرين كي يساهموا في تنمية المدن والمناطق الواعدة. وفي هذا الإطار، أكد أن النقاش العام حول أساليب التنفيذ لا يخرج عن إطار أهداف الاستراتيجية الوطنية التي تسعى إلى سرعة التنمية مع المحافظة على الاستدامة والشفافية في التحصيل والتدقيق المالي.
صفقة علم الروم مع قطر: مدخل إلى نموذج الشراكة والاستدامة
كشف الدكتور مدبولي عن مكاسب الدولة من الشراكة الاستثمارية في مشروع علم الروم بمطروح كخلاصة من إشراك شركاء دوليين في مسار التنمية. وأوضح أن هذه المكاسب تتضمن جانباً نقدياً يبلغ 3.5 مليار دولار سيتم سدادها أواخر ديسمبر المقبل، وهو ما يعزز من قدرة الدولة على إسناد المشاريع وتوفير الموارد للجهات التنموية الأخرى. كما تضمن العرض أيضاً حصة عينية من الوحدات السكنية تقدر قيمتها بنحو 1.8 مليار دولار، ما يعزز من قيمة الأصول والدعم السكني كجزء من الإطار الاستثماري للمشروع. إضافة إلى ذلك، تم التأكيد على حصول قطر على 15% من صافي أرباح المشروع بعد استرداد الجانب القطري تكاليف المشروع، وهو بند يوفّر آلية للشفافية والمرونة في توزيع الأرباح وتكاليف التشغيل. هذه المكاسب تعكس نموذجاً معيارياً للشراكة مع القطاع الخاص والجهات الدولية، وتبرز مكانة الدولة في خلق بيئة استثمارية آمنة تدعم النمو الاقتصادي وتفتح آفاق جديدة للتمويل والتنمية. وفي هذه الفقرة، تبرز فكرة أن الشراكة مع قطر ليست مجرد تمويل، بل هي إطار متكامل يحقق عائدات مالية وعينية للبلاد، مع تعزيز موقع مصر كوجهة استثمارية جاذبة في منطقة البحر المتوسط والأفريقية.
المكاسب الاقتصادية للمشروعات وتداعياتها على التنمية المحلية
عُرِضت في حديث رئيس الوزراء أبعاد اقتصادية واضحة للمشروع، حيث أن سداد القيمة النقدية المرتبطة بالصفقة يبلغ 3.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر المقبل، وهو أمر يعزز من موارد الدولة ويتيح لها توجيه العوائد إلى جهود تنموية أخرى وتطوير بنى تحتية إضافية. وعلى صعيد العوائد العينية، تم الإشارة إلى حصة من الوحدات السكنية قيمتها 1.8 مليار دولار، ما يوفر رصيداً عينياً قوياً يمكن توظيفه ضمن إطار تنموي أوسع، ويعزز من قدرة الحكومة على تمويل مشاريع أخرى أو ترسية تعزيزات في البنية الاجتماعية للمواطنين. إضافة إلى ذلك، تشكّل 15% من صافي أرباح المشروع بعد استرداد التكاليف جانباً عملياً من جوانب التخطيط المالي والتكاليف، وهو ما يضمن توزيعاً عائداً للمساهمة القطرية يظل قابلاً للحساب والتقييم. هذه المؤشرات تُبرز أن الشراكة ليست مجرد استثمار خارجي فحسب، بل هي آلية تلعب دوراً محورياً في تخصيص الموارد وتوجيهها إلى قطاعات التنمية المختلفة وفقاً لخطط الدولة الاستراتيجية. وتؤكّد هذه المعطيات أن الهدف من مثل هذه الشراكات ليس التوسع في الإنفاق العام فحسب، وإنما تعزيز نموذج اقتصادي قائم على التقييم المستمر والاستفادة من خبرات المستثمرين الأجانب في مشروعات بنى تحتية عالية القيمة.
التأثير الإيجابي للبنية التحتية على مناخ الاستثمار في الساحل الشمالي
أشار رئيس الوزراء إلى أن التطور الهائل في البنية التحتية الذي أنجزته الدولة في مدينتي العلمين والعاصمة الإدارية كان سبباً رئيسياً في تعزيز جاذبية الاستثمار في الساحل الشمالي. فالتطوير في الشبكات الخدمية والمرافق الأساسية والاتصالات والنقل يسهم في توفير بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، وهو ما ينعكس في زيادة الثقة لدى الشركات والمستثمرين. كما أن وجود بنية تحتية حديثة يسهّل ربط المناطق الجديدة بمراكز النمو والاقتصاد القومي، وهو ما يعزز من فرص إنشاء مراكز خدمات وتجمّعات سكنية واقتصادية متكاملة. وفي هذا السياق، تؤكد التصريحات أن الاستثمار العام المدعوم ببنية تحتية متطورة يفتح أفقاً جديدة للمشروعات القومية ويعيد تشكيل سلسلة القيمة الاقتصادية في المناطق المستهدفة، مع الحفاظ على التوازن بين التطور والنمو المستدام. وتؤكد هذه المعطيات أهمية التخطيط بعيد المدى وتوفير آليات التمويل الذكي التي تسمح بإنجاز المشروعات الكبرى بشكل يواكب التغيرات الاقتصادية والاحتياجات الاجتماعية.
التوجهات الاستراتيجية: الشراكات الاستثمارية كخيار رئيسي في النمو الاقتصادي
تشير مراجعة حديث رئيس الوزراء إلى أن الدولة تتبنى نموذجاً استراتيجياً يعتمد على الشراكة مع القطاع الخاص كخيار رئيسي لتنفيذ المشروعات القومية، وهو خيار يدمج بين الاستفادة من خبرة المستثمرين والقدرات الحكومية في إدارة الموارد وتنسيقها. هذا التوجه يعزز الإنفاق الاستثماري ويخفف الضغط على الموازنة العامة، وفي الوقت نفسه يتيح للبلاد الوصول إلى مشروعات بنية تحتية وخدماتية عالية الجودة بشكل أسرع وأكثر كفاءة. كما يعزز هذا النهج من فرص جذب مزيد من الاستثمارات الدولية والإقليمية، بما يعزز من قدرات الدولة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة وتأهيل الكوادر المحلية. وفي ضوء هذه الرؤية، تظل الحكومة حريصة على مواصلة تقييم أثر الشراكات وتطوير السياسات ذات الصلة لضمان تعظيم العائد الاقتصادي وتوسيع قاعدة الاستثمار.
المتابعة والتقييم: آليات الشفافية والمتابعة للمشروعات الكبرى
من بين المحاور التي ترددت في حديث رئيس الوزراء التأكيد على أهمية المتابعة المستمرة والتقييم الشامل للمشروعات الكبرى، بما يحفظ توازن المصروفات مع العوائد ويضمن تحقيق الأهداف المنشودة. وتُعزز هذه الآليات من ثقة الشركاء المحليين والدوليين وتدعم الاستدامة الاقتصادية للمشروعات، وتؤمن إطاراً للمساءلة والشفافية في صرف الموارد وتوزيع العوائد. كما يشير ذلك إلى سعي الدولة إلى بناء منظومة مستدامة قادرة على استيعاب التغييرات الاقتصادية والالتزامات التمويلية من دون الإخلال بخطط التنمية الوطنية. وتبقى هذه النقطة محوراً أساسياً في سياسة الدولة نحو المشاريع الكبرى، وتعدّ ركيزة للحوار المستمر مع المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
خلاصات وتوجيهات مستقبلية: الدينامية الاقتصادية وتجنب الانغلاق أمام الشراكات
إن ما ورد في تصريحات رئيس الوزراء يعكس اتجاه الدولة إلى الحفاظ على دينامية الاستثمار من خلال شبكة من الشراكات التي تدعم النمو الاقتصادي وتساهم في تعزيز البنية التحتية دون الاعتماد على مصدر واحد. وتبرز أهمية المراجعة المستمرة لسياسات التمويل والتخطيط، بما يضمن توافق هذه السياسات مع المستهدفات الوطنية. وفي ظل هذه الرؤية، تبقى العوائد الملموسة للمشروعات القومية، مثل الصفقة في علم الروم، علامة على نجاح نهج الشراكات الاستثمارية كأداة فاعلة في التنمية الوطنية. من ثم، تتواصل الجهود الحكومية لتوفير بيئة استثمارية جاذبة وآمنة وتعمل على تعزيز موقع مصر كمركز اقتصادي مهم في المنطقة، من خلال مشاريع بنية تحتية كبرى وبرامج شراكة مع شركاء دوليين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































