كتب: صهيب شمس
عقدت اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السابعة والخمسين اجتماعها اليوم بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وتحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ترأس الاجتماع الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وبحضور الدكتور أحمد مجاهد المدير التنفيذي للمعرض، في إطار مناقشة الملفات التحضيرية المتعلقة بالدورة الجديدة. وفي خطوة تعكس عمق الإبداع العربي، تقرر أن تكون شخصية المعرض لعام 2026: نجيب محفوظ ومحيي الدين اللباد كرمزين بارزين يعبران عن مسارين مختلفين داخل المشهد الثقافي المصري والعربي. وفي نهاية الاجتماع، استقرت اللجنة على اختيار اسم الأديب العالمي الكبير نجيب محفوظ ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026، وذلك بمناسبة مرور عشرين عامًا على رحيله وتقديرًا لإسهاماته الفريدة في إثراء الأدب العربي والعالمي، وإعلاء قيم الإنسان والحرية والهوية المصرية في أعماله التي ترجمت إلى عشرات اللغات. كما قررت اللجنة اختيار اسم الفنان محيي الدين اللباد ليكون شخصية معرض كتاب الطفل، تقديرًا لدوره الرائد في إثراء عالم الطفولة بالرسوم والإصدارات التي شكلت وجدان أجيال كاملة من الأطفال. جاء هذا القرار ليؤكد استمرار حضور هذين الرمزَين في المشهد الثقافي المصري ويعبّر عن التزام المعرض بتكريم أصحاب الإسهامات العميقة في حقلَي الكلمة والصورة.
نجيب محفوظ ومحيي الدين اللباد: محور الدورة 2026
منذ بدء مشوار التحضيرات، تعكس هذه الدورة من المعرض حضور شخصيتين بارزتين يجمعهما هدف واحد هو التعريف بالتجربة الوطنية والإسهام في تشكيل الوعي الثقافي. نجيب محفوظ، الذي شكّل بؤرة ارتكاز في تاريخ السرد العربي، يثبت عبر اختياره كأحد محاور المعرض 2026 أن للأدب قدرة خاصة على التوثيق والتحليل الاجتماعي والسياسي لمصر في القرن العشرين. وفي هذا الإطار تبرز قيمة تحريك ذاكرة أدبية عريقة تتجاوز الحدود اللغوية لتصل إلى جمهور عالمي يترجم أعماله إلى عشرات اللغات، وهو ما يجعل من محفوظ رمزًا لاستمرار الإبداع وتثمين الهوية المصرية ضمن سياق ثقافي عالمي. بينما يمثل محيي الدين اللباد جانبًا بصريًا مغايرًا يفتح نافذة على فن الرسم الصحفي وتصميم الكتب والمجلات، وهو رائد أسس مدرسة فنية مميزة في هذا المجال. هذا الثنائي يمثل مسارين أساسيين في المعرض: النبض السردي العميق الذي يعبّر عن الإنسان المصري كما تجسيده أعمال محفوظ، والإبداع البصري الذي يلمس وجدان الناشئة من خلال الرسوم والإصدارات المخصصة للأطفال.
إسهام نجيب محفوظ في الأدب العربي والعالمي
تؤكد الأطر التنظيمية للدورة الجديدة أن حضور نجيب محفوظ كرمز رئيسي يتيح للمشاركين والزوار فرصة استعادة تجربة القراءة العميقة التي شكلت جزءًا من الوعي الثقافي المصري والعربي. محفوظ، كما يذكر في السياق التحضيري، كان رائد رواية التحولات الاجتماعية والسياسية في مصر خلال القرن العشرين، إذ بنى عوالم سردية متكاملة تقود القارئ عبر تقاطعات الإنسان والحرية والهوية. كما أن جائزة نوبل في الأدب التي حصدها عام 1988 تجسد مكانته العالمية، وتؤكد أن أعماله استطاعت أن تتجاوز المحلية لتسكن فضاء الأدب العالمي. وتؤكد المصادر الموازية أن محفوظ ترجم نفسه عبر أعماله إلى عشرات اللغات، ما يعزز جسور التواصل الثقافي بين الشعوب ويُبقي اسمه علامة مضيئة في تاريخ السرد العربي الحديث. وتُبرز هذه المحاور أهمية الحدث في إبراز الإرث الإبداعي وكيفية الاستفادة من دروسه في تشكيل البرنامج الثقافي المعروض في الدورة الجديدة.
محيي الدين اللباد: رائد الفن الرسومي في عالم الأطفال
أما لبّ المعرض فيتمثل في اختيار الفنان محيي الدين اللباد كشخصية للمعرض الخاص بطفل المعرض، وهو خيار يحظى بتقدير كونه أحد أبرز الفنانين التشكيليين والمصممين في العالم العربي. يُذكر أن اللباد كان رائدًا في تأسيس مدرسة فنية في الرسم الصحفي وتصميم الكتب والمجلات، وهو ما أضفى على أعماله صبغة مميزة تجمع بين الجمال والمعرفة والبساطة. وقد رافقت مسيرته سلسلة من الإصدارات المخصصة للأطفال التي بلغت ذروة تأثيرها وجمالها في وجدان أجيال من الصغار، حيث ارتبط اسمه بإنتاجات رسومية وتعليمية أسهمت في تشكيل الذوق البصري والمعرفي لدى الأطفال. اختيار اللباد يأتي كتعبير عن التزام المعرض بإبراز قيم الفن البصري كعنصر مركزي في تنشئة الأطفال وتوجيههم نحو التقدير الجمالي إلى جانب المعرفة الأكاديمية.
دور اللجنة والوزارة في نجاح المعرض وتوجيهاته الثقافية
أكد وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو في حديثه خلال الاجتماع أن هذه الاختيارات تعكس رؤية اللجنة الاستشارية العليا نحو تعزيز البرامج الثقافية والفنية، وإبراز قيمة الشخصيات التي تقدم نموذجا إبداعيا ملهمًا لجمهور المعرض. كما أشار إلى أن اقتراحات الأعضاء وتوجهاتهم تسهم بشكل مباشر في إخراج المعرض بصورة تليق بمكانة مصر الثقافية والحضارية، وتؤكد دورها التاريخي كمنارة للمعرفة والإبداع في العالم العربي. وفي هذا السياق يتوخى المنظمون من الدورة الجديدة أن تسهم هذه الشخصيات في تعزيز التواصل بين القرّاء والجمهور العريض، وتوفير منصة تتيح للجمهور الاطلاع على جوانب متعددة من تاريخ الإبداع العربي وتطوراته الحديثة، إضافة إلى فتح نافذة لتفاعل أوسع مع الجمهور من مختلف الأعمار.
التفاصيل اللاحقة والبرنامج الاحتفائي
ومن المقرر أن يتم الإعلان في الأسابيع المقبلة عن تفاصيل برنامج الاحتفاء بشخصيتي المعرض، ضمن الاستعدادات لإطلاق واحدة من أهم دورات المعرض التي تشهد تطويراً في الشكل والمضمون. ويحمل هذا الإعلان في طيّاته إشارة إلى أن القاهرة ستظل عاصمة للثقافة العربية، وأن المعرض يسعى إلى تعزيز حضوره كمنصة تجمع بين الإبداع والفكر وتفتح أبواب التبادل الثقافي مع جمهور محلي وعالمي. ورغم أن الصورة الكلية للبرنامج لا تزال قيد الإعداد، إلا أن الترتيبات تشير إلى مسار واضح نحو إبراز الإرث الإبداعي لهذين الاسمَين، وتوفير بيئة تسمح بتفاعل القراء والمهتمين والفنانين بشكل مباشر مع رسائل المعرض وأهدافه.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































