كتبت: سلمي السقا
أكّد العميد الدكتور رامي غيط، الخبير الأمني وخبير تكنولوجيات المعلومات، أن جاهزية مصر لمواجهة حرب البيانات تعتبر سؤالاً جوهرياً يستلزم طمأنة المواطنين ووعي المجتمع بما يدور من تطورات في الفضاء الرقمي. وفي مشاركته ببرنامج “خط أحمر” الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، شرح أن الأجهزة الأمنية الوطنية تمتلك قدرات كبيرة لمواجهة مجموعة واسعة من الجرائم الإلكترونية، مستشهداً بنجاحات مركز العمليات الأمنية بوزارة الداخلية في ضبط وقائع ارتُكبت باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات المراقبة المتقدمة، إضافة إلى سرعة الاستجابة الملحوظة في كثير من الحالات. كما أشار إلى أن هذه النجاحات ليست نهاية المطاف، فالمطلوب تطوير مستمر للإطار التشريعي ورفع كفاءة الهيئات المعنية بالحماية الرقمية، أو تفعيل هيئات مستقلة متخصصة عندما تقتضي الحاجة، كي يتواكب الإطار القانوني والمؤسسي مع سرعة التطور في تهديدات الفضاء الرقمي. وفي ختام حديثه وجه تحذيراً عملياً إلى المواطنين، مؤكدًا أن جزءاً كبيراً من المخاطر ينبع من السلوك الشخصي على الشبكات: مشاركة المواقع، الإفصاح عن بيانات حساسة، وإجراءات «الاعتراف الرقمي» أمام الشاشات تجعل المستخدم عرضة للاستهداف أو للدفع إلى تصرفات قد تُعد جريمة. وأشار إلى أمثلة واقعية حيث يستغل المجرمون هويات مزيفة وصفحات مزورة لاستدراج الضحايا والتلاعب بهم، وهو ما يعكس خطورة الاعتماد على هوية افتراضية في سياقات قد تفضي إلى أذى أو خسائر.
جاهزية مصر في مواجهة حرب البيانات
تتجلى في تصريحات الخبير رؤية متكاملة تجمع بين القوة التقنية والقدرة الإدارية على مواجهة الجرائم الإلكترونية. فالمسألة ليست في وجود أنظمة دفاعية حديثة فحسب، بل في الطريقة التي تترجم بها هذه الأنظمة إلى رادع فعال وواقع قابل للتقييم على أرض الواقع. ويؤكد غيط أن نجاح مركز العمليات الأمنية بوزارة الداخلية في رصد وتثبيت جرائم استخدمت فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي والمراقبة المتقدمة يقدمان نموذجاً عملياً لما يمكن تحقيقه إذا تم التنسيق بين الأجهزة والرقابة والتشريعات. كما يرى أن المسألة ليست مقتصرة على ضبط الحالات فحسب، بل تتطلب بناء قدرة مستدامة على التكيف مع أساليب التهديد المتغيرة وتحديث الاستراتيجيات لمواكبة سرعة التطور في أدوات الجريمة الرقمية. وفي إطار ذلك، يبرز دور المؤسسات الأمنية كخط دفاع أساسي، إلى جانب ضرورة وجود إطار تشريعي يدعم الفعالية والسرعة في الاستجابة، بما في ذلك إمكانية تفعيل هيئات مستقلة متخصصة إذا دعت الحاجة. بكل ذلك، تصبح مسألة جاهزية مصر في حرب البيانات مسألة بنية وتطبيق، لا مجرد وجود أدوات تقنية حديثة فقط.
أثر وعي المجتمع في تعزيز الحماية الرقمية
يرى الخبير أن وعي المجتمع يشكل حجر الزاوية في منظومة الوقاية والحماية، فبدون وجود وعيٍ colectivo يتفاعل مع التحولات الرقمية بشكل مدروس وآمن، تفقد التدابير التقنية والإجراءات الإدارية جزءاً من فعاليتها. يعيد التأكيد على أن المواطن ليس هدفاً فحسب في مواجهة هجمات القراصنة، بل هو أيضاً شريك في تعزيز أمن الفضاء الرقمي عبر ممارسات يومية آمنة، كعدم مشاركة معلومات حساسة بشكل عشوائي، والالتزام بخيارات الحماية الرقمية، وتجنب الوقوع في فخ مواقع زائفة وصفحات احتيالية. ويؤكد أن التوعية المجتمعية ليست مجرد إعلان رسمي، بل هي جبهة عمل يومية تقود إلى تقليل فرص الاستهداف والابتزاز، وتقلل من مخاطر التصرفات التلقائية التي قد تعرّض الأفراد أو المؤسسات لمخاطر جسيمة. وفي هذا السياق، يرى أن وضع سياسة عامة تُشجّع على مشاركة المعرفة والخبرات بين الجهات المسؤولة والمواطنين يساهم في خلق ثقافة مضادة لتهديدات الفضاء الرقمي، وتُسهم في بناء جدارٍ وقائي يتحمل تبعات التحولات السريعة في التقنية والذكاء الاصطناعي.
التحديثات القانونية والهيئات الرقابية ومكانة وعي المجتمع
يوضح غيط أن التحديث المستمر للإطار التشريعي والحضور الفاعل للهيئات المعنية بالحماية الرقمية يشكلان عنصراً حاسمياً في المواجهة، خاصة مع التطور المستمر في أساليب ووسائل الجرائم الإلكترونية. ويركّز على ضرورة مواكبة التشريعات لمستجدات التقنية، وتوفير إطار قانوني يُتيح سرعة المساءلة والرد، إضافة إلى تفعيل هيئات مستقلة متخصصة حين تستدعي الحاجة ذلك. وعلى صعيد المؤسسات، يشير إلى أهمية رفع كفاءة الأجهزة الأمنية في امتلاك القدرات التقنية، وتنسيق العمل بين أجهزة الدولة والجهات الرقابية، بما يعزز التوازن بين القوة التقنية والضوابط الأخلاقية والقانونية. في هذا السياق يعود الحديث عن وعي المجتمع كعنصر حيوي، ليس فقط كهدف توعوي، بل كجزء من النظام نفسه الذي يجعل التدابير القانونية أكثر فاعلية وقابلية للتطبيق ضمن الواقع اليومي للمواطنين والشركات. فمع وجود تشريعات محدّثة وآليات تنفيذ واضحة، يصبح المجتمع مشاركاً بنشاط في حماية نفسه من مخاطر الفضاء الرقمي ويُسهم في تقليل الثغرات التي يستغلها المجرمون.
التوعية كخط دفاع أول في المجتمع الرقمي
يرى غيط أن التوعية يجب أن تكون جزءاً مستمراً من وظيفة الدولة، لا كحالة إعلانية عارضة. فالمواطنون بحاجة إلى استيعاب مبادئ الأمن الرقمي الأساسية، وفهم مخاطر مشاركة البيانات الشخصية، وتعلم طرائق التحقق من صدقية المlogos أو الصفحات، والتمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة. كما أن التثقيف الرقمي يشمل آليات حماية الحسابات والتحديث المستمر لكلمات المرور وتفعيل المصادقة المتعددة العوامل، بما يقلل من احتمالية الاختراق وإساءة الاستخدام. وفي هذه الرؤية، تتكامل رسالة التوعية مع وجود بنية تشريعية وتنظيمية تضع المواطنين في قلب منظومة الحماية وتكفل لهم الحماية القانونية والمعرفية على حد سواء، وهو ما يعزز الثقة في الكيانات الرقمية ويحولها من فضاء مخاطرة إلى فضاء آمن يمكن الاعتماد عليه في الحياة اليومية.
أمثلة واقعية على التلاعب الرقمي
يستشهد العميد غيط بحالات حقيقية تُظهر كيف يستغل المجرمون هويات مزيفة وصفحات مزورة لإخضاع الضحايا لعمليات احتيال أو إرباك أو دفع إلى أفعال ضارة. هذه الأمثلة توضح أن الخطر ليس فقط في الأدوات التقنية وإنما في التلاعب النفسي والاعتماد على مصداقية الهوية الرقمية، وهو ما يبرز ضرورة اليقظة والحيطة من جانب المستخدمين وضرورة وجود أنظمة تحقق ومقاييس حماية أقوى من الجهات المعنية. كما تؤكد الأمثلة على أهمية تعاون المواطنين مع الجهات الأمنية وعدم التردد في الإبلاغ عن أي سلوك مريب أو محاولة احتيال، لأن سرعة الإبلاغ هي جزء من الإطار الوقائي وتقلل من أثر أي هجوم محتمل.
توازن الطبقات الدفاعية في الحرب الرقمية
ختاماً، يعيد العميد غيط التأكيد على أن الحرب الرقمية تقضي معاركها عبر طبقات متعددة: تقوية الجوانب التقنية لدى الأجهزة الأمنية، وتحديث الأطر التشريعية، وتوعية المواطن كخط دفاع أول. فبدون وعي مجتمع يواكب التحولات، لن تُحقق التدابير التقنية والإجرائية النتائج المرجوة في حماية المجتمع والدولة من مخاطر الفضاء الرقمي. إن جمع هذه العناصر في إطار من التنسيق والتعاون بين المؤسسات والجهات المعنية، وبين المواطن والمؤسسات، هو السبيل لتحقيق بيئة رقمية أكثر أماناً واستقراراً.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































