كتب: صهيب شمس
يتردّد سؤال حول حكم التسبيح باليد اليسرى أثناء الصلاة: هل يجوز استخدام اليد اليسرى في عدّ التسبيحات أم يقتصر ذلك على اليد اليمنى؟ هذا الخلاف ورد من واقع مساجد متعددة، بين فريق يرى جواز الاستخدام وآخر يحصره في اليد اليمنى؛ وهو خلاف يستند إلى تفسير النصوص واللغة المحيطة باليدين. يبين هذا المقال موقف الإفتاء المصرية من المسألة، مبيناً أن التسبيح مشروعٌ مطلقٌ وأن اليدين وسيلتان لضبط العد، وأن الأصل في اليد اليسرى أنها لمعاونة اليد اليمنى وليست محظورة من التسبيح.
الأصل اللغوي والتسبيح باليد اليسرى
تُفهم اليد اليسرى في اللسان باعتبارها العين المعونة لليمنى؛ وهذا ما يُعد أساساً في فهم العلاقة بين اليدين في العبادات. فاليسر في اللغة يعني السهولة، ولهذا ورد تفسير أن اليسار يسهل الأمور عندما تُعاون اليد اليمنى. وبناءً على ذلك، فليس في اللغة ما يمنع التسبيح باليد اليسرى، ولا يوجد نص يمنعها حصراً دون اليمنى. كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخدم في بعض العبادات يده اليسرى، وهو دليل على أن العدّ والتسبيح ليس محصوراً في يد بعينها في كل الأحوال.
الأمر الشرعي والعموم في التسبيح
من حيث الشرع فإن الأمر بالتسبيح ورد بإطلاق يشمل جميع الأزمنة والأحوال والكيفيات، ولم يُرد في نصوص-book تخصيصاً يمنع التسبيح باليسرى أو يفرض اليد اليمنى حصراً. كما أن الأحاديث والآثار أشارت إلى عدّ آي القرآن بالأنامل وبالاستخدام في عدة صيغ، ما يعني أن المسألة ليست مقيدة بنوع معين من اليدين في العبادات. وهذا يؤكد أن المسألة تطرح سعة في التطبيق وليست تقيداً صارماً.
التيامن البدء باليمين وتعدد الكيفيات
السنة تحث على التيامن في الأعمال، فاستِحبَ البدء باليمين في العبادات والوجوه التعبدية. ومع ذلك، لم يرد منعٌ من التسبيح باليد اليسرى، بل جاء ما يقتضي أن الأصل هو السماح والوسع، مع إشعار بأن البدء باليمين قد يكون مرغوباً فيه. كما أن العبادات توجب أو تستحب استعمال اليدين لعدّ الأعداد، وهذا يتسق مع أوسع نطاق في الكيفيات، إذ يجوز للمسبّح أن يبدأ باليمين أو يتابع باليسار، أو يجمع بينهما بحسب اختيار الإنسان وظروفه.
كيفيّات العدّ ودور الأصابع
تُعدّد الأحاديث والآثار في باب العدّ أنامل الأصابع كجزء من العدّ والتسبيح، وتُبرز أهمية أن تكون الأصابع ومواقعها شاهدةً في يوم القيامة. وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَسْتَعملُ الأنامل في عدّ الآي وقراءة القرآن أثناء الصلاة، كما ورد أن عدّ الآي كان باستخدام اليدين معاً أو باليمنى تارة وباليسرى تارة أخرى، وهذا يشير إلى أن ضبط العدّ ليس مقيداً بشكل مطلق بإحدى اليدين. كما أن عدّ الآي بيدٍ واحدة أو بكلتا اليدين معاً يظل خياراً للمسلم بلا إكراه.
التسبيح باليد اليسرى كخيار موسع في العبادة
يؤكد المنظور الفقهي أن اليدين وسيلتان لضبط العد، وأنه لا حرج في الاقتصار على اليمنى أو اليسرى أو الجمع بينهما. كما أن التخويل في اختيار الكيفية يبيّن أن الأمر واسع ومفتوح أمام المصلي، ما دام يستوفي شرط الذكر والتسبيح. وفي ضوء ذلك، فإن التسبيح باليد اليسرى قابل للمواءمة مع بقية العبادات الدعوية والقرآنية، وهو خيار شرعي مقبول طالما لم يؤدِّ إلى إخلال بالعدل أو الخشوع.
المرونة التطبيقية في الصلاة
المهم أن المسلم يحرص على أن تكون عدّ التسبيح منضبطاً ومكملاً للذكر، دون حرج من جهة الأصل والشرع. فالتعدد في الكيفيات وعدم الإلزام بنمط واحد من التسبيح يتيح للمصلّي اختيار ما يراه أنسب لوقته ومكانه. والاحترام المتبادل بين من يفضل اليمنى ومن يفضل اليسرى يربو على ذلك، فالأمر هنا متسع وليس مقيداً بموقف واحد ثابت.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































