كتبت: سلمي السقا
أصدر قانون العمل الجديد إطاراً تنظيمياً يحدد شروط استحقاق الإجازة السنوية بأجر للعاملين، مع الحفاظ على مبدأ عدم احتساب أيام الأعياد الرسمية والراحة الأسبوعية ضمن مدة الإجازة. يتضح من بنود القانون أن الأجر الذي يحصل عليه العامل أثناء الإجازة يخضع لمعايير تضمن حقوقه الأساسية وتوفر في الوقت نفسه مرونة لأصحاب العمل في إدارة الموارد البشرية. وتؤكد مواد القانون على أن الإجازة ليست مجرد فاصل تقليدي في الخدمة، بل حق عملي يتفاوت تبعاً لسنة الخدمة والعمر والحالة الصحية أو الاجتماعية لبعض الفئات المستهدفة. بشكل عام، يهدف القانون إلى تحقيق توازن عملي بين مصالح العمال وأصحاب العمل، وتوفير آليات فض منازعات بشكل ودي، مع تعزيز الأمن الوظيفي وتسهيل دخول السوق للعمل.
الإجازة السنوية وفق القانون الجديد
في إطار تحقيق الاستقرار والشفافية في الحقوق، ينص القانون على أن الإجازة السنوية تُمنح بأجر وبمعيار واضح لا يخل بحقوق العامل. وقد حرصت أحكامه على استبعاد أيام الأعياد الرسمية والراحة الأسبوعية من أي احتساب للإجازة، بما يحفظ للموظف حقوقه خلال فترات العمل المتواصلة، وبما يوفر لصاحب العمل أيضاً أداة تخطيط فعالة للموارد البشرية. الإجازة ليست عقداً ثابتاً بل تُدار وفق جملة من المعايير التي تتعلق بسنوات الخدمة، ما يجعل الحديث عن الإجازة السنوية ميدان تقييم مستمر لحالة كل عامل. كما يضع القانون إطاراً عاماً يتيح للجهات المختصة تطبيق آليات فض منازعات ودية في حال وجود تفاوت أو خلاف في تفسير حق العامل في الإجازة، وهو ما ينعكس إيجاباً على مناخ العمل ككل ويعزز الثقة بين طرفيه.
أيام الإجازة بحسب سنوات الخدمة
يحدد القانون paut 15 يوماً كإجازة سنوية للعامل في السنة الأولى من الخدمة، وهو معيار يحفظ حقه في راحة مدروسة مع بداية تجربته المهنية. أما السنة الثانية من العمل فيمكن أن يزداد فيه عدد أيام الإجازة ليصل إلى 21 يوماً، وهو عنصر تدعيم للالتزام الوظيفي وتقدير سنوات الخبرة. كما يمنح العامل 30 يوماً من الإجازة لمن أمضى عشر سنوات كاملة لدى صاحب العمل أو لمن تجاوزت سنه خمسين عاماً، وهو تعبير عن التقدير الطويل الأمد للجهد والالتزام. هذه الأرقام تبقى مبدأً عاماً، مع إمكانية تطبيقها بكيفية تتناسب مع الواقع التنظيمي في المصالح والمؤسسات المعنية. أما الفئات التي تتطلب رعاية خاصة أو حالات صحية طويلة الأمد، فإن القانون يفتح الباب أمام تخصيص فترات إضافية حين تستدعي الضرورة في إطار الشروط المحددة سلفاً.
الأشخاص ذوو الإعاقة والأقزام: امتيازات خاصة
يولي القانون اهتماماً خاصاً بفئات معينة، حيث يمنح الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام 45 يوماً من الإجازة السنوية. هذا البند يعكس إدراكاً لخصوصية احتياجات هذه الفئات وتفهمه لكون الإجازة جزءاً من حماية الصحة والراحة والتوازن النفسي. في سياق التطبيق، يُفترض أن تُراعى إجراءات تنظيمية داخل كل جهة عمل بما ينسجم مع هذه الحقوق، مع مراعاة حدود التطبيق وملاءمة المواعيد وفق ظروف العمل والإنتاج. يهدف هذا العنصر إلى تعزيز العدالة في توزيع الإجازات، مع الحفاظ على الإنتاجية وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية للجميع.
تعديل إضافي لخطوط العمل الخطرة والمناطق النائية
يضيف القانون عنصراً إضافياً من الدعم المخصص للعمال: يتم زيادة 7 أيام إضافية كإجازة لمن يعملون في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة أو في المناطق النائية، وذلك وفق قرارات تصدرها الوزارة المختصة. هذه الإضافة تُعبر عن تقدير لجهود العاملين في ظروف عمل استثنائية وتمنحهم حماية إضافية وراحة تراعي مخاطر العمل والمشقة المرتبطة به. يظل هذا البند ضمن آليات قابلة للتطبيق بما ينسجم مع السياق الاقتصادي وتطورات سوق العمل، مع الإشارة إلى أن القرار الأخير في تحديد هذه الأيام الإضافية يعود إلى الوزير المختص.
آليات احتساب الإجازة في حالة قصر مدة الخدمة
في حال لم يصل العامل إلى سنة كاملة من الخدمة، تُحسب الإجازة بنسبة المدة الفعلية التي قضاها في العمل، مع شرط ألا تقل مدة الخدمة عن ستة أشهر. هذا الإجراء يضمن عدالة نسبية في استحقاق الإجازة، ويمنع من تفريغ العامل من حقوقه لمجرد قرب انتهاء السنة. وبمعنى آخر، يربط القانون الإجازة بشكل مباشر بفترة التواجد الفعلي للعامل في مكان العمل، بما يحفظ التوازن بين حقوقه واحتياجات المؤسسة. كما يتم تشديد الإطار العام لضمان ألا تتجاوز الاحتياطات المتخذة أطرها المعقولة وتبقى متسقة مع الهدف من الإجازة كحق وظيفي أساسي.
الإطار العام للعدالة والآليات النظامية
يركز القانون على تحقيق توازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، مع توفير آليات فض منازعات بشكل ودي. هذا الإطار يُسهم في تقليل النزاعات العمالية وتحسين مناخ العمل، كما يضع قواعد لحماية الأمن الوظيفي وتسهيل الدخول إلى سوق العمل. من خلال هذه الرؤية، يرسخ القانون مفاهيم العدالة الاجتماعية ضمن بيئة عمل حديثة تتكيف مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية. كما يعكس القانون التزامات الدولة في تحديث آليات التنظيم والتشغيل، بما يواكب متطلبات ما بعد جائحة كورونا من حيث المرونة والتنظيم والتوازن بين الحقوق والواجبات.
التوازن بين الاستثمار وسلامة الحقوق العمالية
يُبرز النص أن القانون يعكس تغييرات اقتصادية واجتماعية بعد جائحة كورونا، مع حرصه على مواكبة أنماط العمل الحديثة محلياً وعالمياً. وفي الوقت نفسه، يسعى إلى تحفيز بيئة جاذبة للاستثمار دون المساس بحقوق العمال. هذا التوجه يجعل الإجازات السنوية وحقوق الأجر جزءاً من منظومة استدامة تشجع نمو الناتج الوطني وتطوير بيئة الأعمال، مع استباق أي أثر سلبي محتمل على الإنتاجية. إلى جانب ذلك، يفتح الباب أمام تمييز توجيهياً ضمن إطار يحفظ الحقوق الأساسية للموظفين ويعزز من مكانة الدولة كمرجع تنظيمي يوفر حماية كافية للمجتمع العمالي.
خلاصة تطبيقية وآفاق الممارسة العملية
على المستوى التنفيذي، يفرض القانون على الجهات المعنية وضع سياسات داخلية تراعي تقاطع الإجازة السنوية مع جدولات الإنتاج والالتزامات التعاقدية. كما يحث المؤسسات على وضع مسارات واضحة لتوثيق الاستحقاقات، وتحديد آليات التواصل مع العاملين حول حقوق الإجازة ومواعيد الاستحقاق والتجديد. من جهة أخرى، فإن إشراك أطراف العمل في مناقشات واقعية حول تطبيق الإجازة وتحديد الفترات المناسبة يعزز من الثقة المتبادلة ويقلل فرص الخلافات. وبذلك تكون الإجازة السنوية حقاً منظماً يواكب التطور المهني ويضمن سلامة العاملين دون الإضرار بالقدرات الإنتاجية للمؤسسات.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































