كتبت: إسراء الشامي
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن رسول الله ﷺ أرشدنا إلى أن نسير وراء سنته، وأن نهتدي بهديه. وبيّن أن الحديث النبوي يحثّ الأمة على الالتزام بسنة النبي الكريم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، عضّوا عليها بالنواجذ. كما أشار إلى الخلفاء الأوائل الذين تبعوا الرسالة ونشروها، وذكر أن هؤلاء الخلفاء وعلَماء الصحابة فتحوا البلدان وبلّغوا ما فهموه من تعاليم الرسول ﷺ، فكانوا خير قوم أُخرجوا للنّاس رضي الله عنهم وأرضاهم.
<…> ثم لفت إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي وصل إلى مصر وفتحها، وأدى إلى أهلها النصيحة بالحكمة والفقه في تطبيق الشريعة الإسلامية في واقعهم. وبين أن من دخل الإسلام من أهل مصر يدخل في ميزان حسناته يوم القيامة، إن شاء الله. وأشار إلى أن عمرو بن العاص في خطابه للناس كان له أسلوب تحذيري وتوجيهي، فقد استهل كلمته بقوله: «يا معشر الناس»، وهو تعبير يقتضي الانتباه والتوجّه إلى العظة والنصيحة.
النصيحة التحذيرية في خطبة عمر بن العاص
قال علي جمعة إن عمرو بن العاص قد قال: «إيّايَ وخِلالًا أربعًا» لأن ما يُذكَّر يُعزز الحذر من النِّعَم إذا لم تُدار بالشكل الصحيح. وإن المقصود هو أن التفكير في النُصَب بعد الراحة، وفي الضيق بعد السعة، وفي الذلّ بعد العزّ، هو بابٌ للاضطراب الاجتماعي إذا وُُجدت عوامل التبذير وعدم التنظيم. ثم تتابع التحذير نفسه فأعاد قاله: «إيّايَ وكثرةَ العيال، وإخفاضَ الحال، وتضييعَ المال، والقيلَ والقال، من غير دركٍ ولا نوال». وهذه جملة تُظهر ضرورة التوازن بين النَّفَق والتعليم والالتزام الديني في السياق الاجتماعي المصري حينذاك.
تفسير السياق الاجتماعي في مصر زمن الفتح
وأوضح جمعة أن خلفية النصيحة ترتبط بالخراج والعشور التي كانت تُجبى من مصر، فيما كان عدد السكان يقدَّر بنحو عشرين مليونًا في تلك الفترة. وهذا الرقم، وفق قوله، يبيّن مدى أهمية التخطيط والتربية الاقتصادية والاجتماعية السليمة. كما أشار إلى أن كثرة العيال يمكن أن تكون نعمة إذا أُديرت التربية على التقوى والعدل، لكنها قد تكون سببًا في اضطرابات المجتمع إذا لم تُسْتَكْنَف في إطار مسؤول. ثم استشهد بأن كثرة الأولاد ليست بذاتها سبب فقرٍ دائم، وإنما مرتبطة بإدارة الأسرة وتوجيهها داخل منظومة القيم الإسلامية، مع الإبقاء على ثبات التوازن بين الفرد والأسرة والمجتمع.
وأضاف أن بعض الأحاديث النبوية تبرز أهمية التكاثر والتزاوج كقيمة اجتماعية وروحية: فالنبي ﷺ يقول: «تزوجوا، تكاثروا، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة»؛ كما ورد قوله ﷺ: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها»، وهو ما يستلزم موقفًا جماعيًا قويًا من المسلمين. وفي ختام كلمته، قال علي جمعة إن عمرو بن العاص قد أحسن النصيحة حين قال: «إيّاي وكثرة العيال»، لأن تلك المسألة الاجتماعية الأساسية قد تؤدي إلى حالة من الفقر واضطراب العيش إن لم تُدار بشكل صحيح. هكذا تلمس النصائح والتوجيهات التي أرادها الإمام أن تكون دالة على وعي ديني واجتماعي ينسجم مع الواقع المصري آنذاك.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































