كتب: كريم همام
لم يكن الحديث مجرد رأي فردي حول جدل تاريخي عابر، بل جاء على لسائحة من أحد أبرز علماء الآثار في مصر، حيث أكد مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، أن الاستحقاق الوطني يحتم على الدولة موقفاً واضحاً وحازماً من حركة الأفروسنتريك ومحاولاتها لتزوير وتحريف التاريخ المصري القديم عبر الترويج لمزاعم تفيد بأن الحضارة المصرية تنتمي إلى العرق الأسود وليس للمصريين. وأوضح أن مصر لا تعادي أحداً، وهي جزء طبيعي من القارة الأفريقية، غير أن الإشكالية الحقيقية لا تكمن في الانتماء الجغرافي، بل في محاولات بعض الحركات نسب الحضارة المصرية القديمة لأنفسهم، سواء كانت الأفروسنتريك أم المركزية الأوروبية. ومن هنا، يرسم شاكر إطاراً واضحاً للمواجهة: حماية الذاكرة الوطنية من أي ادعاءات تُسلب الإرث المصري وتُفقده دلالاته التاريخية.
وواصل الخبير الأثري توضيحاته بالقول إن الحركة الإفريقية المستندة إلى فكرة الهوية أقيمت في بدايات القرن العشرين، حين نشأ بينها جمـاع من الأفارقة الذين سعوا إلى استعادة هويتهم بعد فترات طويلة من الاستعباد. ومع مرور الزمن وبعيد نهاية القرن الماضي، شهدت هذه الحركة ادعاءات جديدة بأنهم أصحاب الحضارة المصرية القديمة، وهو ما يرى شاكر أنه يعيد فتح باب النقاش حول الهوية وتوظيفها في سياقات سياسية وثقافية. وبينما يضع شاكر في الحسبان خلفيات تاريخية لهذه الحركات، يؤكد أن مصر ليست طرفاً في عداء مع القارة الأفريقية، وإنما تتعلق المسألة بإعادة قراءة للهوية والحضارة وكيفية نسب تاريخ عريق يعود إلى أجيال طويلة من المصريين إلى جهة بعينها بشكل يحيد عن الحقيقة العلمية.
ويضيف شاكر أن ما يهم في هذا السياق ليس مجرد تاريخ حضارة قديمة، بل الآثار التي تحكي قصص الشعوب وتؤسس لخطاب يراعي الحقيقة العلمية. وفي هذا الإطار، يشير إلى أن مصر ليست بمنأى عن النقد العلمي، لكنها ترفض تحويل الهوية التاريخية إلى أداة في صراعات سياسية أو أيديولوجية. فالهدف من كل ذلك، بحسب ما يراه، هو سلب المصريين إرثهم التاريخي وتجاوز وقائع قرائن علمية مطبوعة في النقوش والمقابر التي تدون بوضوح تنوع الأجناس البشرية في فترات تاريخية بعيدة.
واستدرك شاكر ليؤكّد أن التوثيق الأثري في مصر يحفظ في جدارياته ونقوشه فروقات بنيوية في التصنيفات البشرية القديمة. فالمصريون القدماء، وفق ما تفيد به المصادر، كانوا يشنون حملات تأديبية على شعوب جنوبية، وهو ما تجلت ملامحه في جداريات تُظهر أن الجنس الزنجي كان يُعد في المرتبة الأدنى ضمن التصنيفات الاجتماعية القديمة، وأنه كان يُعامل كأحد الأعداء في بعض الحملات العسكرية المصرية. هذه الخلفيات التاريخية، كما يرى، تشكل حائط صد ضد أي تفسير يحاول اختزال الحضارة المصرية في عِرق واحد أو جهة بعينها، وتدعو إلى قراءة أكثر حيادية وتوثيقاً لما يحفظه التاريخ من وقائع وتنوعات تعكس تعاقب الحضارة على مصر عبر العصور.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































