كتب: صهيب شمس
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، حكماً يقضي بأن دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته يعد جريمة، وأن العقاب عليها لا يخالف الدستور. كما قررت المحكمة رفض الدعوى المحالة للفصل في دستورية نص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (369) من قانون العقوبات، المستبدل بالمادة (1) من القانون رقم 164 لسنة 2019، فيما تضمنته من عقوبات بحق من يدخل عقاراً يحوزها غيره بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها. وتضمنت العقوبات الحبس لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وغرامة تتراوح بين خمسين ألفاً ومائة ألف جنيه حتى خمسمائة ألف جنيه بحسب حال الفعل وتفصيلاته. جاء الحكم ليؤكد أن هدف هذا التجريم تحقيق مصلحة اجتماعية جديرة بالحماية الجنائية تتمثل في السكينة الاجتماعية وضمان أمن وطمأنينة كل حائز لعقار، بما يضمن ثبات الحيازة وفق الطرق التي يقررها القانون وتجنب صراعات قد تترتب على التصرفات غير القانونية.
التشريعات وآلية تطبيقها: دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته
يؤكد الحكم أن الفعلين المحكوم عليهما قد استوفيا أركانهما المادي والمعنوي بشكل دقيق وواضح، وأن المشرع اختار تجريمهما ضمن إطار حماية الأمن الاجتماعي وسلامة الحيازة. الفعل الأول يتمثل في دخول عقار في حيازة شخص آخر بقصد منع هذا الشخص من حيازة العقار، فيما يوازيه الثاني دخول عقار صدر فيه أمر قضائي أو حكم تمكين لشخص آخر من الحيازة بقصد منع حيازة هذا الشخص أو الانتقاص منها. عليه جرى تحديد الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة لضمان توازن النص مع جسامة الفعل وحجم الخطر الذي يترتب عليه. كما أشارت المحكمة إلى أن النص الجديد يتيح للمشرع ضبط العلاقات القانونية والحفاظ على استقرار وضع الحائزين، وهو أمر يرتبط بمتحصلات العدالة الاجتماعية والأمن العام.
أبعاد الحكم الدستوري ومسوغاته الاجتماعية
بررت المحكمة تشريماً هذين الفعلين باعتباره خدمة لمصلحة اجتماعية جديرة بالحماية الجنائية، وهي أمران يضمنان السكينة الاجتماعية واستقرار مركز الحيازة. كما بينت المحكمة أن التجريم لا يمنع من وجود وسائل قانونية شرعية لحماية الحقوق، وأن العقوبات المقررة لها كفيلة بردع المخاطر المرتبطة بإزاحة الحيازة بشكل غير مشروع، وتفادي المخاطر الناشئة عن صراعات غير آمنة قد تضر بالأفراد وبالمجتمع ككل. وذكرت المحكمة أن وجود ركني الأداء والنية في الجريمتين يوضحان الوضوح في الإدانة ويعززان ثقة المجتمع بالقضاء وبالقوانين التي تحدد سبل حفظ الملكية وآليات حماية الحيازة.
التقييم الدستوري لسلطة المشرع وتحديد العقوبات
أشارت المحكمة إلى أن تحديد أنواع الجرائم والعقوبات واستخدام أدوات تفريدها يقع ضمن السلطة التقديرية للمشرع، مع مراعاة جسامة الفعل وخطورته الاجتماعية وقيمة المصلحة المجتمعية التي يسعى القانون إلى حمايتها جنائياً. وفي ضوء ذلك، أضافت المحكمة أن النص الحالي يوفر إطاراً مناسباً لتحديد العقوبات ضمن حدين، وهو أمر يعكس توازناً بين حماية الحيازة وتجنب فرط السلطات أو التوسع غير المبرر في صلاحيات السلطة القضائية. كما أكدت المحكمة أن هذا التقدير التشريعي يراعي ضرورة الاستقرار القانوني واتباع أطر ملائمة للحماية الاجتماعية دون الإخلال بحقوق المتهمين وفقاً لقواعد العدالة.
أثر الحكم على الأمن والسلم الاجتماعيين في مجال الحيازة
يعزز الحكم الذي يجرم الدخول إلى عقار بقصد منع الحيازة من الثبات القانوني للحيازة وتوفير بيئة أكثر أمناً للأفراد الذين يملكون عقاراتهم، وذلك من خلال وضع إطار رصين يحول دون النزاعات على الحيازة والانتزاع غير المشروع لها. وبذلك يسهم الحكم في تقليل احتمالات الخلافات العقارية والصراعات الشكلية التي قد تؤدي إلى مصاعب اجتماعية واقتصادية، وهو ما يعزز ثقة المجتمع بالقضاء وبالأنظمة التي تنظّم العمل في هذا المجال. كما يوضح أن الاستقرار القانوني للحيازة ليس مجرد مسألة شخصية بل هو ركيزة أساسية للنظام العام وسلامة المجتمع.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































