كتب: أحمد عبد السلام
ذكر الدكتور نادي عبدالله، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، أن حديث النبي ﷺ: “إن المرأة تُقبل في صورة شيطان وتُدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه”، حديث صحيح رواه الإمام مسلم. وأوضح خلال تصريحات تلفزيونية أن سوء الفهم هو الذي جعل بعض الناس يظنون أن الإسلام وصف المرأة بالشيطان، بينما النبي لم يقل إنها شيطان، بل حذر من استغلال الشيطان لصورة المرأة لإثارة الفتنة. وهذا يبرز معنى تشبيه فعل المرأة غير المحتشمة بالشيطان وليس وصفاً للمرأة بذاتها. كما أكد أن المرأة والرجل خُلقا في أحسن تقويم كما قال تعالى: “ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”، وأن الهدف من الحديث التنبيه إلى أثر الشيطان في تزيين الفتنة.
وأضاف أن الحديث يحمل تحذيرين متكاملين: الأول للمرأة أن تحافظ على حيائها واحتشامها، والثاني للرجل أن يغض بصره امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ”. وفي تصريحات أخرى، ذكر أن سبب ورود الحديث هو أن النبي ﷺ رأى امرأة فتحركت في قلبه رغبة نحو زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، فقال لأصحابه: “فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه”، وهو دليل على أن الزواج هو الطريق المشروع لتصرف الغريزة، وليس النظر أو التبرّج. كما أشار إلى أن تشبيه الفعل بالشيطان ليس خاصاً بالمرأة، فالنبي ﷺ قال في حديث آخر عن الرجل الذي يقطع صلاة غيره: “ادفعه، فإن لم يستجب فقاتله، فإنه شيطان”، موضحاً أن المقصود تشبيه الفعل لا الذات، فكما يُشبَّه هذا الرجل بفعل الشيطان، كذلك المرأة في حال التبرج أو الإغراء. وتابع أن المرأة مكرّمة في الإسلام، وقد منحها الدين مكانة عظيمة من الاحترام والرعاية، مشيراً إلى أن النبي استخدم الأسلوب البلاغي في التحذير من الفتنة، وليس في التقليل من شأن المرأة، داعياً الجميع إلى الفهم الصحيح للأحاديث النبوية في ضوء مقاصدها الأخلاقية والشرعية.
تفسير تشبيه فعل المرأة غير المحتشمة في الحديث
يؤكد أستاذ الأزهر أن تشبيه الفعل وليس الذات هو الجوهر في هذا الحديث. الحذر يتركز على تبعات الفتنة الناتجة عن سلوك ظاهر قد يثير الشهوات، لا على قيمة المرأة بذاتها. كما يوضح أن الحديث يربط بين الفعل النابهي وما يثيره الشيطان من وسوسة، لا بإطلاق وصف عام يطال المرأة كإنسان. وفي إطار مشابه، يشير إلى حديث آخر حول رجل يقطع صلاة غيره ليبرز كيف أن الشيطان قد يسري عبر الفعل لا عبر الهوية. هذه القراءة تُمكّن من فهم النص في ضوء مقاصده الأخلاقية والشرعية، وتؤكد أن المقصد هو تنظيم السلوك لا تشويه الأثر الاجتماعي للمرأة.
أبعاد تشبيه فعل المرأة غير المحتشمة في سياق التحذير
يتضمن التحذيران المذكوران في الحديث إطاراً تربوياً لكلا الجنسين: النساء مطالبات بالحشمة والحياء، والرجال مطالبون بغض البصر امتثالاً لأمر الله. ويركّز تفسير الأزهر على أن الفتنة حين تتجلى بصورة متبرجة أو مُغوية تؤدي إلى استدلال الشيطان على غاية إغواء الناس، لذا تكون العبرة في ضبط السلوك والنية لا في تقليل قيمة الأطراف المعنية. كما يربط التفسير بين يسر الزواج كخيار مشروع لتصرف الغريزة وتجنب الفتنة، وبين ضرورة فهم النص بشكل يتسق مع تعاليم الدين ومقاصده الأخلاقية.
مكانة المرأة في الإسلام وتفسير النهي عن الفتنة
يشدد أستاذ الحديث على أن المرأة مكرّمة في الإسلام وأن الدين منحها مكانة عظيمة من الاحترام والرعاية. من ثم يبرز أن الأسلوب البلاغي في الحديث يهدف إلى التحذير من الفتنة وليس التقليل من شأن المرأة. الصيغة النبوية هنا تستهدف توجيه المجتمع نحو فهم صحيح للنصوص وفق مقاصدها الأخلاقية والشرعية، وعدم الخلط بين التحذير من الفعل والاتهام بالذات. كما يؤكد على ضرورة قبول الفرق بين تشبيه الفعل وبين تشبيه الذات، لتظل الرؤية الإسلامية عادلة ومتوازنة تجاه جميع أفراد المجتمع.
مراعاة مقاصد الحديث في الفهم الصحيح
يختم التفسير بمبدإ أن مقاصد الحديث هي حفظ المجتمع من الفتنة وإبقاء العلاقات الأسرية في إطار الشرع. لذلك يُشدد على ضرورة فهم الأحاديث ضمن سياقها الصحيح، وتجنب إسقاطات تفكير قد تكون بعيدة عن المعنى المقصود. بهذه القراءة، يصبح الحديث أداة توجيه أخلاقية أكثر منها توصيفاً سلبياً لشخص بعينه، وهو ما يعزز صورة الاحترام المتبادل والالتزام الشرعي في المجتمع.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































