كتب: صهيب شمس
أكد الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، على أهمية صلح الحديبية كنموذج للحكمة النبوية في إدارة الأزمات. الحديبية هي منطقة تقع في مشارف مكة، وتمتاز بوجود بئر ماء، حيث تم توقيع هذا الصلح التاريخي بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقريش.
في العام السادس من الهجرة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أنه يدخل المسجد الحرام ملبّيًا. بناءً على هذه الرؤية، خرج النبي مع الصحابة محرمين في شهر ذي القعدة بهدف أداء العمرة، لكن قريش منعتهم عند مشارف مكة، مما أدى إلى بدء مفاوضات طويلة توجت بعقد الصلح.
بنود صلح الحديبية
تضمن صلح الحديبية عددًا من البنود التي تبدو في ظاهرها تنازلات، لكنها تحمل في باطنها الحكمة والسياسة النبوية الرشيدة. من بين هذه البنود وقف القتال بين المسلمين وقريش لمدة عشر سنوات، مع اشتراط رد الذين يقدمون من المشركين إلى النبي، بينما لا يتم رد من يأتي من المسلمين إلى قريش.
كما تم السماح للنبي وأصحابه بدخول مكة في العام التالي لأداء العمرة، والتي أطلق عليها عمرة القضاء في العام السابع من الهجرة خلال شهر ذي القعدة. وأشار الدكتور يسري جبر إلى أن بين صلح الحديبية وعمرة القضاء تم فتح خيبر، وهو ما ورد الإشارة إليه في سورة الفتح.
التفاصيل الفقهية لصلح الحديبية
أورد الإمام البخاري في صحيحه قصة صلح الحديبية بشكل مفصل، حيث تطرق لثلاثة بنود رئيسية تم الاتفاق عليها بين النبي والمشركين. من بين هذه البنود كذلك أن يدوم دخول المسلمين مكة فقط لثلاثة أيام، مع السماح لهم بالدخول فقط بسلاح المسافر.
التفاصيل الدقيقة التي اشتمل عليها الاتفاق تستعرض بُعد نظر النبي صلى الله عليه وسلم وفهمه للفقه العربي، حيث تم وضع شرط الإقامة ثلاثة أيام حتى لا تُعتبر إقامة كاملة، لأن الحد الأدنى للإقامة عند العرب هو أربعة أيام.
قيم العمل والعبادة في سيرة النبي
أوضح الدكتور يسري جبر أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تُظهر حرصه على أداء الفرائض والنوافل على حد سواء. فقد كان لديه شوق طبيعي لأداء العمرة، وهو شوق مشروع، ويستند إلى حقيقة أنه وُلد ونشأ في مكة، ثم ابتعد عنها خلال فترة الهجرة.
استند النبي في خروجه لأداء العمرة إلى عادة العرب التي تتيح عدم منع الملبّي للعمرة، لكنه لم يتوقع أن يتجاوز العداء من قريش حدود المنطق. أشار إلى أن هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من صلح الحديبية، وأهمها أهمية المسارعة إلى الأعمال الخيرية والعبادات.
دروس مستفادة من صلح الحديبية
تعلّم المسلمون من صلح الحديبية أهمية المبادرة في الأعمال الصالحة وأداء العبادات في الوقت المناسب. جاءت الآيات القرآنية مثل: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم” لتؤكد على هذه المعاني. كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية المبادرة في الطاعة والخير، ويومًا بعد يوم، تُصبح سيرة النبي دعوة عملية للعمل بالحكمة، الصبر، وحسن التدبير.
مما لا شك فيه، أن صلح الحديبية يعد من أبرز الأحداث التاريخية التي تجسد الفهم العميق للنبي صلى الله عليه وسلم لإدارة الأزمات، ويظل بمثابة درس للمسلمين في زمننا الحالي.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































